تحية | الكتابة عن رجاء الناصر الأب والزوج لا تختلف عن الكتابة عنه كمناضل. حبه اللامحدود لوطنه يتقاطع مع حبّه لرفيقة دربه، وتكريس حياته لإعلاء كلمة الحق انعكس على تربية أولاده. العطاء كلمة تصفه بامتياز في جميع علاقاته الاجتماعية، زوج، أب أو أخ. وتلخيص مسيرته في الحياة والنضال السياسي اجحاف بحقه، فهو مولد الطاقة الايجابية لكل من حوله، وهو تاريخ وطن في الكفاح وهو كتاب في العروبة والحريات. ليس من السهل تلخيص 50 عاماً من النضال، فحياة رجاء الناصر هي تأريخ للحياة السياسية في سوريا كجزء من الوطن العربي.
حبّه واندفاعه للدفاع عن الوطن والقومية العربية لم يكن حيّز من حياته، بل كان هو مسيرة حياة كاملة. إن أول كلمة «لا»، وأول تظاهرة كانت في الانفصال عام 1961. كيف لا والوحدة العربية هي منتهى أمل كل عربي شريف.
عام 1971، واجه رجاء العدو الصهيوني... هناك فقط يعلو صوت السلاح، فهو الجهاد المقدس، والملازم الأول رجاء، الذي ينتظر مولوده الأول، كان على خط الجبهة المباشرة.
وبعد الحرب عاد إلى العمل السياسي، حيث رأى في اتّباع نهج جمال عبد الناصر وفكره أسلوب حياة مجتمعي لسوريا عربية أفضل، وخط واضح لمقاومة الكيان الصهيوني.
عام 1983، ورغم كونه قاضياً، لم يمنع ذلك من اعتقاله على خلفية نشاطاته السياسية وموقعه القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي. خلال عامين تتالت الاعتقالات في الحزب، مما دفعه إلى الغربة القسرية عن وطنه.
بعدهل، لم يكن لبنان، الأقرب إلى البلد، محطة توقّف، فالعمل السياسي عمل عروبي بالمرتبة الأولى، والأهداف المرجوة تشمل جميع المجتمعات العربية. فهو خلال 15 عاماً قضاها هناك كان أيضاً من رجال الصف الأول في الحزب.
عام 2000 كان قرار العودة، ورغم ادراكه لجميع الاحتمالات، عاد مستمراً في النضال السياسي، فكانت الجمعية الأهلية لمقاومة الكيان الصهيوني، وكانت الجمعية الأهلية للدفاع عن العراق.
عام 2011 لم تكن الثورة الشعبية بعيدة عنه، فهو ثائر منذ عقود، لكن خبرته ومبادئه هي التي وضعته على أرض صلبة واضحة المعالم: لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الأجنبي، نعم للتغيير السلمي للنظام.
أبى أن يغادر الوطن، معتبراً أنّ بقاؤه، حتى مع التهديدات التي طالت حياته، هو الخيار الأفضل، وما كان اعتقاله أمر مستبعد على قسوته، لكنها أيدي غدر وغباء.
نحن أسرة البطل نعتز ونفتخر بالحر الأستاذ رجاء الناصر، ونشدّ على متابعة مسيرته في النضال السلمي... رحم الله شهدائنا وأفرج عن معتقلينا ونصر كل مظلوم وانتقم من كل من سعى لدمار الوطن.
* أسرة رجاء الناصر