قبل أسبوع واحد من انقضاء المهلة المحددة لإنشاء المنطقة «منزوعة السلاح» في محيط إدلب، ويومين فقط على الموعد المفترض لإتمام سحب سلاح الفصائل الثقيل من تلك المنطقة، بدأ الحديث من قبل الجانب المعارض عن انطلاق تنفيذ البنود الأولى من «اتفاق سوتشي» وسط تأكيدات متكررة من دمشق بأن الاتفاق «مؤقت»، كان آخرها من الرئيس بشار الأسد، أمس. وعلى رغم الهدوء النسبي الذي ساد خطوط التماس منذ الإعلان عن مذكرة التفاهم الروسية - التركية، فإن نقاطاً قليلة شهدت سحب بعض العتاد العسكري الثقيل من جانب الفصائل، فيما بقي السواد الأعظم من المناطق التي يفترض أن تصبح «منزوعة السلاح» على حاله السابقة. ولم يخرج حتى الآن موقف رسمي واضح ومباشر من «هيئة تحرير الشام» في شأن الاتفاق، وتعاملها معه، على رغم ما نقل عن تدخلها لمنع تصعيد عسكري في ريف اللاذقية الشمالي قبل أيام، كان يمكن أن يهدد بانهيار «الهدنة» القلقة ومن خلفها خطط أنقرة وتفاهماتها مع موسكو. كذلك جرى حلّ التوتر بين «تحرير الشام» و«الجبهة الوطنية للتحرير» في ريف حلب الغربي، بشكل عاجل، بما يحدّ من تأثيره على الجهود التركية النشطة لإعادة ترتيب الأوراق في إدلب ومحيطها.
لا تزال جبهات أرياف حماة واللاذقية تشهد توتراً شبه يومي

وفي خطوة منسّقة وفق الجدول التركي، تحدثت «الجبهة الوطنية للتحرير» إلى عدد من وسائل الإعلام، للإعلان عن «بدء سحب السلاح الثقيل». وأفاد الناطق باسمها ناجي مصطفى، لوكالة «فرانس برس»، بأنه «يجري إرجاع السلاح الثقيل الموجود في المنطقة المسماة بمنزوعة السلاح إلى المقرات الخلفية للفصائل»، معرباً عن توقعه بأن تستمر العملية «لأيام عدة». كذلك نقلت الوكالة عن القائد العسكري في «الجبهة» قوله، إن العناصر لن ينسحبوا من المواقع المتقدمة وإنه تجري «زيادة عمليات التحصين والتدشيم والاستعداد من أجل التصدي لأي خرق يمكن أن يحدث». غير أن هذه الإجراءات وفق أوساط من الطرفين على جانبي خط التماس، اقتصرت على مناطق ريف إدلب الشرقي المتصلة مع ريف حلب الجنوبي، فيما لا تزال جبهات أرياف حماة واللاذقية تشهد توتراً شبه يومي، كان آخر فصوله أمس، استهداف شاحنة إطعام للجيش السوري في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، بصاروخ حراري، ما أسفر عن استشهاد أحد العسكريين وجرح ثمانية آخرين ممن كانوا على متنها. ومن غير الواضح حتى الآن، طبيعة الخطة التركية للتعامل مع «تحرير الشام» والتنظيمات «القاعدية» التي يتركز نفوذها في تلك الجبهات، لا سيما مع رفض عدد كبير منها الانخراط في الاتفاق.
وبينما استكملت تركيا تعزيز قواتها في نقاط المراقبة، بدا لافتاً أن الجانب الروسي لم يعلّق على عملية التنفيذ التركية، لا سيما في شأن حديث الفصائل عن تعهد تركي بمنع دخول أي وحدات روسية إلى المنطقة «منزوعة السلاح»، وهو ما يخالف نص الاتفاق الأولي. وفي المقابل، تبدو دمشق مصرّة على أن هذا الاتفاق مرحلة أولى لتحرير إدلب. إذ أكد الرئيس الأسد خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث، أمس في دمشق، أن «هذه المحافظة (إدلب) وغيرها من الأراضي السورية المتبقية تحت سيطرة الإرهابيين، ستعود إلى كنف الدولة، والاتفاق هو إجراء مؤقت حققت الدولة من خلاله العديد من المكاسب الميدانية وفي مقدمها حقن الدماء». واعتبر أن «ما شهدناه مؤخراً من هستيريا غربية قبل معركة إدلب، نابع من كونها تشكل أمراً مصيرياً بالنسبة لهم، لأن انتصار السوريين فيها سيؤدي إلى فشل خططهم إزاء سوريا، وعودتها أخطر مما كانت عليه في وجه مشروعهم في المنطقة». كما رأى أنه «كلما اقتربنا من الانتصار يمكن أن يصبح الوضع أصعب، لأن هناك خطة لاستنزاف سوريا سياسياً واجتماعياً واقتصادياً»، مشيراً إلى وجود «تحديات لا تقل خطورة عن الإرهاب». وقال الأسد إن «المعركة الحقيقية المقبلين عليها، هي إعادة التأهيل لشرائح كانت حاضنة للفوضى والإرهاب لكي لا تكون ثغرة يتم ضرب استقرار سوريا مستقبلاً من خلالها»، مشدداً على «ضرورة أن يكون دور الحزب (البعث) أكثر فعالية في كل المناطق لتحقيق المصالحات... وعلى ضرورة تصديه للعناوين والنقاشات الدائرة في المجتمع».