بعد انقضاء «قمة طهران» الأخيرة بين رؤساء: إيران وتركيا وروسيا من دون توافقات واضحة من شأنها تحديد مصير منطقة «خفض التصعيد» الأخيرة في إدلب ومحيطها، بدا أن التفاوض الذي يقوده الأتراك بهدف الوصول إلى «حلول سلمية» تستبعد العمليات العسكرية، يلقى دعماً واسعاً من الولايات المتحدة والكبار الأوروبيين. فقد أمّن هؤلاء تغطية واسعة للتوجه التركي عبر ضغط سياسي في مجلس الأمن وتحذيرات متتالية من «ردّ عسكري فعال وسريع» ضد دمشق في حال استخدام «أسلحة كيميائية». كذلك، حضر ملف إدلب بقوة في المشاورات التي استضافتها جنيف بدعوة من الأمم المتحدة، على حساب الملف الرئيسي على جدول تلك الاجتماعات وهو تشكيل «اللجنة الدستورية».وبينما عملت تركيا على حشد الشارع في إدلب ومحيطها لاستخدامه في مفاوضاتها، لم تتوقف عن تعزيز قطعاتها العسكرية على الحدود مع المحافظة، ونقاط المراقبة داخل منطقة «خفض التصعيد». كما دعمت قواتها وسهّلت تسليح عدد كبير من الفصائل المسلحة خلال الأسبوعين الماضيين، إلى جانب تأمين غطاء لها لتعزيز خطوطها الدفاعية قبالة قوات الجيش السوري وحلفائه. وهو ما يشير إلى أن أنقرة تحضّر لكل الخيارات المحتملة، بما يتضمن فتح معارك استنزاف طويلة على جبهات حساسة، كما في ريف اللاذقية، أو ريف حلب الغربي.
مع ذلك، من المؤكد أن اللقاء المرتقب اليوم بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب إردوغان، في سوتشي، سيكون محطة مهمة في مسار «تسوية إدلب». وهو لقاء سوّقه الأتراك مكملاً لما تم نقاشه في «قمة طهران» بشأن إفساح المجال أمام طرح «عزل المعتدلين عن الإرهابيين» وتجريد التنظيمات الإرهابية من سلاحها.
فاز مرشحو «الإدارة المحلية» في الحسكة بالتزكية


في الوقت نفسه، يحضر الملف السوري، بشقّيه الساخنين، إدلب و«اللجنة الدستورية»، في إحاطة للمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أمام مجلس الأمن الدولي غداً، تتضمن فحوى المشاورات التي انتهت أخيراً في جنيف. ولا تنفصل التطورات الخاصة بإدلب ومحيطها، ولا سيما الموقف الغربي الداعم لأنقرة، عن باقي تفاصيل المشهد السوري. فالموقف الأميركي الذي يبدو ــــ حتى الآن ــــ أنه يتجه إلى استثمار حضور القوات الأميركية داخل سوريا في مسارات التفاوض، ولّد انعكاسات عدة على الأرض. إذ أتت التدريبات غير المسبوقة من حيث الحجم والنوع في منطقة التنف، بالتوازي مع تعزيز الحضور العسكري شرق نهر الفرات، ومع التوتر الذي غذّته واشنطن بين «مجلس سوريا الديموقراطية» والحكومة السورية. وهي جاءت أيضاً فيما تواصل إسرائيل اعتداءاتها على مواقع حكومية سورية تحت حجج «مكافحة النفوذ الإيراني»، وكان آخرها أول من أمس ضد مواقع في محيط مطار دمشق الدولي.
التصعيد الأميركي في الملف السوري انعكس على انتخابات الإدارة المحلية التي جرت أمس في البلاد، وسط مقاطعة قوى «الإدارة الذاتية» واعتقالها سابقاً عدداً كبيراً من المرشحين وإجبار بعضهم على سحب ترشيحه، وذلك بعد انتكاسات في مسار المحادثات التي جرت مع دمشق وعُرض خلالها مشاركة «الإدارة الذاتية» في الانتخابات. ففي الحسكة، فاز المرشحون لعضوية المجالس المحلية بالتزكية، وهو ما لم يستدعِ العمل في أي مراكز انتخابية، فيما فُتح صندوقا اقتراع يخصان بلدتي تل شعير والراية الغربية في مركز الحبوب ونقابة المعلمين في مدينة القامشلي، داخل المنطقة الخاضعة للسيطرة الحكومية. أما في باقي المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، فجرت الانتخابات من دون أي توقعات بحدوث خروق لقوائم «الوحدة الوطنية»، وسط اعتراضات مرشحين مستقلين في بعض المراكز على إغلاقها وإعلان فوز مرشحي قوائم «الوحدة الوطنية» من دون إجراء عملية الانتخاب.