ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها بلدة جوسية في ريف حمص الحدودية مع لبنان لهجوم من قبل مسلحي «جبهة النصرة». فمنذ الشهر الماضي يحاول عناصر «الجبهة» الهجوم على البلدة لتحقيق إنجاز ميداني، خصوصاً بعد الخسارة الاستراتيجية التي منوا بها في القصير وريفها منذ أكثر من 7 أشهر. ودارت أمس اشتباكات عنيفة بين عناصر الجيش السوري و«الدفاع الوطني» ومقاتلي حزب الله ضد مسلحي «النصرة» الذين «سقط عدد كبير منهم في كمين أودى بحياة العشرات من القتلى والجرحى»، بحسب مصدر أمني لـ«الأخبار».
وشرح المصدر أنّ «المعارك اشتّدت وتيرتها بالتزامن مع التفجير الإرهابي الذي حصل في الهرمل»، مؤكّداً أنّ المعارك «بدأت في البلدة منذ أول من أمس». واستمرت المعارك لغاية ليل أمس رغم «انسحاب عدد من المقاتلين الذين قدموا عبر عرسال اللبنانية». وفي السياق، صعّد الجيش السوري عملياته العسكرية في اليومين الماضيين في يبرود، أكبر معاقل المسلحين في القلمون، إضافة الى استهداف تجمعات لهم في مناطق الغوطة الشرقية في دوما وحرستا والضمير.

1000 قتيل في معارك المعارضة

على صعيد آخر، قضى أكثر من ألف شخص في المعارك الدائرة منذ نحو أسبوعين في مختلف المحافظات السورية، وتحديداً في شمال حلب وإدلب والرقة، بين عناصر «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» و«الجبهة الاسلامية» و«الجيش الحر» و«جيش المجاهدين». وذكر ناشطون معارضون أنّ عدد القتلى وصل إلى 1069 قتيلاً. وبحسب الناشطين، فإن 608 من المقاتلين قضوا خلال اشتباكات وتفجير سيارات مفخخة، بينما أعدمت «داعش» 113 عنصراً في مناطق مختلفة. وقتل 312 مقاتلاً من «الدولة الاسلامية»، بينهم 56 عنصراً على الأقل «جرى إعدامهم بعد أسرهم من قبل كتائب مقاتلة ومسلحين في ريف إدلب». وأدّت المعارك الى مقتل 130 مدنياً، بينهم 21 على الأقل أعدموا أيضاً على أيدي مقاتلي «الدولة الاسلامية» في حلب والآخرون جراء إصابتهم بطلقات نارية خلال اشتباكات بين الطرفين وتفجير سيارات مفخخة. وتستمر «الدولة الاسلامية» في الانتقام من الجماعات الأخرى عبر عملياتها الانتحارية التي اشتهرت بها، إذ أقدم انتحاري أمس على تفجير نفسه في سيارة مفخخة في مقر تابع لـ«لواء التوحيد» في تلرفعت في حلب، والتي شهدت اشتباكات عنيفة. وأشارت قناة «الميادين» أمس الى سقوط 50 قتيلاً وجريحاً بتفجير انتحاري في مقر للفرقة التاسعة لـ«الجيش الحر» في كفر نوران في حلب. كذلك فجّرت سيارة مفخخة في كفرناها في ريف حلب.
وفيما لم تتوقف المعارك بين الجماعات المسلحة المعارضة، وفي الوقت الذي لا تزال تسيطر فيه «الدولة الاسلامية» على محافظة الرقة، كشف قيادي في «جبهة النصرة» أنّ التنظيم اعتقل أخيراً عدداً من المقاتلين في «الدولة» في محافظة درعا (جنوب سوريا). وقال القيادي، في حديث إلى وكالة «الأناضول» التركية، رافضاً ذكر اسمه، إن «إخوتنا في الجبهة استطاعوا خلال هذا الأسبوع القبض على عدد من مقاتلي داعش من جنسيات مختلفة، وبينهم أردنيون»، من دون أن يحدد عددهم أو بقية الجنسيات التي ينتمون إليها. وأشار إلى أنهم وضعوا المعتقلين داخل منشأة قديمة تتخذها «الجبهة» سجناً في درعا للحصول على اعترافات منهم ومعرفة نيات التنظيم ودوافعه. من جهة ثانية، حضّ الإسلامي المتشدد عمر محمود عثمان، الملقب بـ«أبو قتادة»، أمير «داعش» على «الانضواء تحت لواء جبهة النصرة ووقف القتال بين الفصائل الاسلامية». ووجّه «أبو قتادة» رسالة، خلال جلسة محاكمته بتهم تتعلق بالإرهاب في عمان أمس، إلى كل من أمير «الدولة الاسلامية» أبو بكر البغدادي وأمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، مطالباً إياهما بـ«وقف الاقتتال بين الفصائل الاسلامية».

«القاعدة» تهاجم المخيمات

في موازاة ذلك، واستكمالاً لقضية مخيم اليرموك في دمشق، إذ لم يتم إدخال أيّ مساعدات حتى الساعة، اتهم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني تنظيم «القاعدة» ومنظمات إسلامية أخرى بتعمّد مهاجمة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا واتخاذ الفلسطينيين رهائن. وفي اعتصام أقيم أمس في وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، تضامناً مع مخيم اليرموك، قال مجدلاني «إنّ 20 ألف فلسطيني لا يزالون يقيمون في مخيم اليرموك من أصل 160 ألفاً». وهذا الاسبوع، حاول مجدلاني بالتنسيق مع الجهات الرسمية في سوريا إدخال ست شاحنات محملة بالأدوية والاغذية إلى المخيم المحاصر منذ أكثر من 180 يوماً، غير أنّ القافلة ووجهت بإطلاق نار كثيف على مدخل المخيم كما أعلن. وفي السياق، أقرّ المجلس التشريعي في قطاع غزة، أمس، خطة توصي بـ«تحييد» المخيم عن الصراع الدائر هناك. وتضمن التقرير خطة تهدف إلى «تحييد المخيم عن الصراع المسلح بين أطراف النزاع في سوريا، كما تهدف الى درس كافة الطرق لإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى الفلسطينيين هناك».
على صعيد آخر، أكدت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الانسان، نافي بيلاي، أنّ أعمال الاعدام الجماعية التي تقوم بها المجموعات المسلحة المعارضة السورية في شمال البلاد يمكن أن تعتبر «جرائم حرب». وقالت، في بيان لها أمس، «في الأسبوعين الماضيين تلقّينا معلومات حول توالي عمليات إعدام جماعية بحق مدنيين ومقاتلين لم يعودوا ضالعين في المعارك في حلب وإدلب والرقة على أيدي مجموعات مسلحة متطرفة من المعارضة في سوريا، لا سيما الدولة الاسلامية في العراق والشام». وذكرت بيلاي أنّ هذه الأعمال يمكن اعتبارها «جرائم حرب»، فيما يمكن أن يتعرض منفذوها لملاحقة قضائية.
(الأخبار)