مجدداً، نجحت الضغوط الأردنية في دفع الفصائل المسلحة الجنوبية للعودة الى طاولة المفاوضات مع المفاوضين الروس، والتي تركوها أمس من دون نتيجة، ومن دون تحديد موعد آخر لاستئنافها. اليوم، أعلنت الفصائل المعارضة موافقتها على العودة الى التفاوض مع الجانب الروسي، بحسب ما أكد متحدث باسمها الخميس، بعد نحو 24 ساعة من التصعيد العسكري غير المسبوق على مواقعها، إذ شهدت مواقع المسلحين في المنطقة الجنوبية ليل أمس جولات من القصف العنيف والمكثّف، شنته الطائرات الروسية والسورية، فضلاً عن استئناف الهجوم البري في مدينة درعا وفي الريف الشرقي، حيث سيطر الجيش السوري على مدينة صيدا، وتمكن من السيطرة على الأطراف الشمالية لبلدة النعيمة شرقي درعا، ما ساهم حكماً في إجبار المسلحين على العودة الى التفاوض.
وقال حسين أبازيد مدير المكتب الإعلامي في ما يعرف بـ«غرفة العمليات المركزية في الجنوب» التابعة للفصائل الجنوبية، لوكالة «فرانس برس» الفرنسية، إنه «سيتم استئناف المفاوضات اليوم، لكننا ننتظر تحديد ما إذا كان الاجتماع سيعقد في بلدة نصيب أو في بصرى الشام»، حيث عقدت الاجتماعات الأخيرة بين الطرفين. وذكرت «غرفة العمليات» أنها «توافق على وقف الأعمال القتالية من الطرفين بصورة فورية لاستكمال جولة جديدة من المفاوضات»، مجددة المطالبة بـ«ضمانات حقيقية ورعاية أممية لمفاوضات الجنوب». وكانت أمس قد تعثرت جولة التفاوض الأخيرة بعدما رفضت الفصائل الجنوبية الطلب الروسي بتسليم سلاحها الثقيل دفعة واحدة قبل استكمال نقاش بنود الاتفاق لوقف المعارك. كما يرفض الجانب الروسي الموافقة على أن يتضمن الاتفاق إجلاء المقاتلين الرافضين له الى مناطق أخرى في سوريا، على غرار ما تضمنته اتفاقات مماثلة في مناطق عدة، آخرها الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وكالة الأناضول، نقلت عن مصادر مطلعة، «فضّلت عدم الكشف عن هويتها»، إن «من أبرز التعديلات الموافقة على تسليم السلاح الثقيل تزامناً مع انسحاب الجيش السوري من المناطق التي تقدم فيها خلال الحملة العسكرية الأخيرة»، التي بدأت في 20 يونيو/ حزيران الماضي. كما تضمّنت التعديلات، بحسب المصادر، «فتح المجال للمقاتلين غير الراغبين في البقاء جنوب سوريا للمغادرة إلى شمال البلاد، حتى 6 آلاف مقاتل».

فوضى على الحدود مع الأردن
في موازاة ذلك، تداولت مواقع الكترونية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقرّبة من الفصائل المسلحة، أخباراً مفادها أن الطيران الروسي استهدف مصنعاً يحوي مواد كيميائية في الأراضي الأردنية على الحدود مع سوريا. الجيش الأردني، قال اليوم، رداً على ذلك، إن «مجموعة من النازحين السوريين الموجودين على حدود المملكة أحرقوا مصنع كبريت يقع في المنطقة الحرة المشتركة بين الأردن وسوريا». ونقل الجيش عن مصدر عسكري مسؤول (لم يسمه)، في بيان تلقت وكالة الأناضول نسخة منه، إن «وسائل إعلام ومنصّات تواصل اجتماعي تتناقل أخباراً عن نشوب حريق في المنطقة الحرة المشتركة بمصنع مواد كيماوية بسبب قصف للطيران الروسي». وأضاف المصدر أن «الصحيح هو أن هذا المصنع هو مصنع كبريت، ويقع في أقصى شرق المنطقة الحرة، وتمَّ حرقه بفعل مجموعة من النازحين الموجودين بالآلاف في المنطقة». وأوضح أن الهدف من حرق المصنع كان «نشر الفوضى بين النازحين والاندفاع باتجاه الحدود الأردنية وإيجاد مبررات للدخول إلى أراضي المملكة». وفي وقت سابق من اليوم الخميس، جدّد الأردن رفضه مطالب الأمم المتحدة بفتح الحدود أمام النازحين السوريين، بحسب ما أفادت متحدثة باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، للأناضول. واعتبرت غنيمات، أن «الحل ليس في فتح الحدود، بل في التوصّل الى حل سياسي ينهي أصل المشكلة».

في غضون ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مراسلها، قوله إن «الجيش السوري تمركز قرب الحدود مع الأردن في محافظة درعا». وذكرت الوكالة أن «الجيش السوري تمركز على بعد ستة كيلومترات من الحدود». وتكون هذه هي المرة الأولى منذ ثلاث سنوات التي يتمكّن فيها الجيش السوري من العودة الى نقاط حدودية في محافظ درعا على الحدود مع الأردن.