لا تزال المفاوضات، وما يتبعها من تسويات، العامل الأقوى في الجنوب السوري. ورغم ما تشهده المنطقة الجنوبية من قصف محدود، وتحديداً في الريف الغربي، إلا أن الهدوء خيّم على الريفين الشرقي والجنوبي لدرعا طوال اليومين الماضيين، باستثناء مدينة صيدا غربي درعا، حيث تعرضت المجموعات المسلحة فيها للقصف نتيجة عدم تجاوبها مع المحاولات التي يقودها الروس لعقد تسويات ومصالحات في المنطقة. في ظل هذه المجريات في معركة الجنوب، يظهر الدور الأردني الفاعل في الضغط على المسلحين، سواء اليوم للذهاب إلى المفاوضات، أو في السنوات الماضية للذهاب إلى المعارك.المتحدث باسم «المعارضة»، إبراهيم الجباوي، وهو أحد عرّابي التسويات والمصالحات في الجنوب، قال إن «مفاوضين من المعارضة بدأوا اليوم جولة جديدة من المحادثات مع ضباط روس بشأن اتفاق سلام في جنوب سوريا يقضي بتسليم مقاتلي المعارضة أسلحتهم والسماح للشرطة العسكرية الروسية بدخول البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة». وقال الجباوي إن المعارضة حملت إلى طاولة المفاوضات رداً على «قائمة المطالب الروسية التي تشمل تسليم الأسلحة وتسوية وضع المسلحين في اتفاق ينهي القتال». وسبّبت المطالب الروسية المذكورة، التي سُلّمت إلى المفاوضين عن الفصائل الجنوبية، خلال اجتماع في بلدة بصرى الشام شرقي درعا، يوم السبت الفائت، بانسحاب مفاوضي المعارضة، الذين قالوا إن «المطالب مهينة». وكانت جهود أردنية قد تمكّنت من إعادتهم إلى طاولة المفاوضات، في ظل هدنة استمرت منذ ظهر يوم الأحد الماضي حتى ظهر اليوم، و«مُدّدت اليوم، في القرى والبلدات التي تفاوض، بناءً على مستجدات إيجابية أحاطت بالمفاوضات»، بحسب مصادر مطلعة.
في موازاة ذلك، أكد الجيش الأردني، اليوم، إبقاء الحدود مع سوريا، حيث يتجمع عشرات آلاف النازحين من المعارك الجارية في منطقة درعا، «مغلقة». وقال قائد المنطقة العسكرية الشمالية في القوات المسلحة الأردنية، العميد خالد المساعيد، لوكالة «فرانس برس»، إنّ «عدد النازحين السوريين قرب الشريط الحدودي بين سوريا والمملكة بلغ نحو 95 ألفاً»، نزحوا نتيجة العمليات العسكرية الأخيرة الجارية في الجنوب. ولكنه أضاف: «الحدود مغلقة والجيش يتعامل بحذر شديد مع النازحين قرب الحدود متحسّباً لبعض المندسّين، لأن هنالك بعض العناصر الذين يمكن أن يستغلّوا هذا الظرف لمحاولة تنفيذ أجندة خاصة». وأشار إلى احتمال وجود «مندسّين بين النازحين قرب الحدود يمتلكون سلاحاً ويتنكّرون بلباس نساء وهويات مزوّرة».
في المقابل، قالت المتحدّثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتّحدة، ليز ثروسل، اليوم، إن «الوضع في درعا يسوء نتيجة تصاعد الهجوم، ما يؤثّر كثيراً بالمدنيين». ودعت عمَّان إلى «فتح الحدود»، وكذلك دعت «دولاً أخرى في المنطقة إلى استقبال المدنيين». كذلك ناشد متحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أندريه ماهيسيتش، بحسب بيان صادر عن المفوضية، الأردن والدول المجاورة الأخرى إلى «فتح حدودها والسماح للنازحين الذين تتعرّض أرواحهم للخطر، بالوصول إلى الأمان والحماية».