بعد انتهاء «بازار» التفاوض التركي ــ الأميركي حول مدينة منبج إلى «خريطة طريق» يفترض أن يكتمل تنفيذها خلال ستة أشهر، ووسط احتدام المعارك الانتخابية في تركيا، تنشط أنقرة، ديبلوماسياً، لإخراج الجزء الأعقد من ملف «اللجنة الدستورية» التي تم إقرارها في «مؤتمر الحوار الوطني» في سوتشي، وهو تشكيلة وحصص ممثلي المعارضة السورية. إذ يفترض أن يتم اختيار عدد محدود من نحو 150 مرشحاً، لشغل مقاعد اللجنة، على أن يتم تمثيل الجانبين الحكومي والمعارض، إلى جانب المستقلين ومنظمات المجتمع المدني. وتندرج زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أمس، إلى أنقرة، ولقائه مسؤولين أتراكاً وممثلين عن «هيئة التفاوض العليا» و«الائتلاف»، ضمن الجهود التحضيرية لحسم عدد من النقاط الحساسة في هذا الشأن. وجاء لقاء دي ميستورا مع نائب مستشار وزارة الخارجية التركية سادات أونال، بعد أقل من 15 يوماً على استقبال الأخير المبعوثَ الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينتيف، الذي كان قادماً من دمشق. وينتظر أن تحمل التحضيرات الجارية لتنشيط مسار «اللجنة الدستورية» المبعوث الأممي إلى عواصم إقليمية ودولية، لحشد توافقات على آلية تشكيلها المفترضة. وتبرز تعقيدات عدة في ملف ترشيحات الجانب المعارض، إذ تراهن «هيئة التفاوض» على تعاون تركي ــ أممي، يجعل «المجموعة المصغّرة» المؤلفة من الدول الداعمة للمعارضة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، شريكة في التوافقات على الشق المعارض في «اللجنة». وفي المقابل، تبقى مسألة مشاركة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي، وهو أبرز التشكيلات السياسية في مناطق النفوذ الأميركي، محلّ اعتراض من الجانب التركي، وليس من الواضح ــ حتى الآن ــ أي خطط بديلة لهذه النقطة، خصوصاً أن تفاهمات أنقرة ــ واشنطن الأخيرة، يفترض أن تخلخل نفوذ الحزب في بعض مناطق الشمال السوري.
فخخ «داعش» أبرز الطرق الموصلة إلى مناطق تواجده في بادية السويداء

ولحين بيان حصيلة النشاط التركي والأممي، لا تزال الجبهات الخاضعة لاتفاق «خفض التصعيد» في الجنوب تشهد هدوءاً حذراً، في انتظار مآل محادثات الدول الراعية للاتفاق، حول المنطقة. وبرز أمس تهديد جديد من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضد الحكومة السورية، متوعداً بأن «تبعات» أي تمركز للقوات الإيرانية في سوريا يهدد إسرئيل، سوف تطاول «نظام (الرئيس بشار) الأسد أيضاً». وأتت هذه التصريحات مع تأكيد روسي من قبل الرئيس فلاديمير بوتين، بأن قوات بلاده لا تخطط لانسحاب قريب من سوريا، على رغم أنها ستكون قادرة على «تنفيذ انسحاب سريع في أي وقت تريده».
وبالتوازي، نشّط الجيش السوري جبهة جديدة في المنطقة الجنوبية، في ما يبدو أنها ستكون معركة مكمّلة لأي تحرك مفترض في الجنوب. وبعد أيام على التمهيد الناري وحشد التعزيزات في ريف السويداء الشرقي، تحرك الجيش للسيطرة على منطقة ينتشر فيها عناصر «داعش» الذين تم إخراج معظمهم من مخيم اليرموك والحجر الأسود، فيما وصل الباقون عبر البادية ومن محيط التنف. العمليات انطلقت هناك بعدما استهدف سلاح الجو أبرز المواقع التي يتمركز فيها عناصر التنظيم، غرب تل الصفا وصولاً إلى مشارف قرى ريف السويداء الشمالي الشرقي. وبدأت صباحاً من محيط قرية الساقية، باتجاه منطقتي الأشرفية وبئة العورة، ومن محيط تل أصفر باتجاه منطقة الحصى. وبينما استمر القصف المدفعي والجوي، صباح أمس، لم تشهد الساعات الأولى للتقدم أي اشتباكات واسعة مع «داعش»، الذي انسحب عناصره من المناطق المكشوفة باتجاه التلال الوعرة، بعد تفخيخ معظم الطرق المؤدية إلى تلك المواقع. ويفترض أن تتواصل العملية من دون عُجالة من جانب الجيش، حتى تصفية أكبر عدد من عناصر التنظيم ضمن المنطقة التي يتواجدون فيها. وتنحصر تلك المنطقة، بين تل الصفا شرقاً، وأرض الوكاع جنوباً، وحتى بعد نحو 10 كيلومترات عن آخر بلدات ريف السويداء الشرقي المأهولة، وهي بارك والرضيمة الشرقية وعراجه ودوما وتيما، غرباً، مروراً بمنطقتي الحصا والهبارية.