اللاذقية | لم يكن أمس يوماً عادياً كسائر أيام الجُمع التي مرّت على اللاذقية (شمال غرب سوريا). هواجس كثيرة يعيشها أبناء المدينة الساحلية من تهديدات تمطرهم بها صفحات «التنسيقيات» المعارضة، عن محاولات نقل المعارك إلى الساحل السوري. ولم يكد أهلها ينهون احتفالاتهم الخجولة برأس السنة الميلادية، حتى حمل اليوم الثالث من العام الجديد سقوط عدد من القذائف والصواريخ على القرى القريبة من خطوط التماس مع مسلحي المعارضة. هزّت أصوات الانفجارات أركان البيئة الحاضنة للجيش السوري، ليتبين لاحقاً أنها صواريخ محلية الصنع خرجت من مناطق سيطرة مسلحي المعارضة، باتجاه قريتي سقوبين وسنجوان وستمرخو، وسقطت في أراض زراعية من دون تحقيق أضرار بشرية. ورجحت مصادر أمنية أن مصدر إطلاق الصواريخ هو قرية غمام التابعة إدارياً لمنطقة ربيعة. ومع اطلاق مسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» العنان لصفارات الإنذار عن معركة مقبلة، خرج مقاتلو تنظيم «المقاومة السورية»، الرديف للجيش السوري، في سياراتهم باتجاه قرية بسنادا القريبة.
يراقب رجل عجوز في الشارع السيارات المتجهة شمالاً، معلّقاً: «الله يحمي هالشباب». هكذا تقضي المدينة الحزينة أيامها في حال من الترقب، حتى «يعود الشباب بخير». شبابها وفتياتها يلهون في مقاهيها، يتبادلون الآراء، محاولين قدر المستطاع الابتعاد عن السياسة. إلا أن أصوات القذائف الصاروخية تدخلهم في النقاش السياسي مرغمين بفعل القلق من الخطر القريب.
ويأتي هجوم الصواريخ على ريف اللاذقية بعد إحباط الجيش السوري محاولات توغّل عدّة من قبل المسلحين عبر قرية خربة سولاس نحو كفرية. أدى ذلك إلى مقتل جميع العناصر المشاركين في عملية التسلل. فيما تواصل مدفعية الجيش السوري استهداف مواقع تحصّن المسلحين في ناحية ربيعة التركمانية وبلدتي سلمى وكنسبّا، محقّقة إصابات في صفوف مسلحين من جنسيات عدّة، بالإضافة إلى تدمير مستودع للذخيرة وآليات عدّة مزوّدة برشاشات، وإصابة العديد من الأهداف على طريق اللاذقية ــــ حلب القديم.
يترقب أهالي اللاذقية التطورات الجارية في ريف المدينة الشمالي، بالتزامن مع تشديد أمني على مداخل المدينة الساحلية ومنع السيارات كلّياً من دخول أرض الحرم الجامعي منذ أكثر من عشرين يوماً. فيما تنتشر الشائعات المبالغ فيها عن اكتشاف أنفاق تربط بعض المناطق المتأزمة في المدينة مع مناطق أُخرى، وصولاً إلى مبنى كلية التجارة. وقد أصبحت هذه الشائعات مثاراً للسخرية والتندر أخيراً.
تجدر الإشارة إلى أن أطراف مدينة اللاذقية وريفها أصبحت خلال الأشهر الماضية هدفاً للقذائف الصاروخية من مناطق سيطرة المعارضة المسلحة شمالاً، التي يردّ عليها الجيش بالقصف المدفعي.