تدخل المعارك المضادة التي أطلقتها الفصائل المسلحة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، يومها الثالث، من دون أن تحقق خرقاً لافتاً يؤثّر على تقدم الجيش السوري في شرق المحافظة، حتى الساعة. وبرغم الحشود العسكرية الكبيرة التي شملت جميع الفصائل الناشطة في إدلب، تمكن الجيش من حماية خطوط إمداده الممتدة من ريف حماة الشمالي حتى أبو الضهور، على الرغم من خسارته المؤقتة بعض القرى لمصلحة المجموعات المهاجمة، واستشهاد عدد من مقاتليه وضباطه في الاشتباكات.
وتركزت هجمات الفصائل المسلحة، أمس، على محاور قرى عطشان والخوين غرب بلدة أبو دالي، وشمالاً نحو المشيرفة، وصولاً إلى الخريبة والربيعة المتاخميتن للطريق بين أبو الضهور ومعرة النعمان. واشتدت الهجمات خلال ساعات الليل والفجر، في محاولة لتجنّب الاستهداف الجوي، الذي كان حاضراً في استهداف تحركات المسلحين وخطوط إمدادهم. وشهد أمس دخول واسع لعناصر «الحزب الإسلامي التركستاني» على معظم محاور القتال، فيما وسّعت «هيئة تحرير الشام» من هجومها، ليشمل كامل خط التماس بين أبو الضهور والمشيرفة الشمالية.
في المقابل، عمل الجيش على تعزيز نقاطه في القرى الواقعة غرب بلدتي أبو دالي وسنجار، لضمان صمودها أمام هجمات المسلحين، التي تمكنت من اختراق بعض خطوط الدفاع في تلك المنطقة.

أفادت أوساط معارضة
عن إصابة جندي تركي
بقصف في بلدة حيّان
وتحرك في جنوب شرق مطار أبو الضهور، حيث سيطر على قريتين تحاذيان أسواره الخارجية. وبينما تابع عملياته في غرب خناصر، ليصل إلى بعد نحو خمسة كيلومترات عن قواته المتمركزة في جنوب شرق المطار، حرّك أمس، محوراً جديداً للعمليات، من محيط السفيرة في ريف حلب الجنوبي الشرقي. وفرض سيطرته على بلدات سحور وجب الأعمى والبناوي وأم عنكش والصالحية، وعدد آخر من القرى. ومن المتوقع أن يتحرك الجيش للسيطرة على كامل منطقة جبل الحص، المحصورة بين منطقتي خناصر والحاضر، بما يتيح له مهاجمة مطار أبو الضهور من محورين، وإنهاء الربط بين ريف إدلب وريفي حلب الجنوبي وحماة الشمالي الشرقي. ومن شأن تعزيز الجيش عملياته على جبهة السفيرة، تخفيف الضغط عن القوات العاملة جنوب المطار.
ويهدد ارتفاع حدّة المعارك في أرياف إدلب وحلب استقرار منطقة «خفض التصعيد»، الذي راهنت عليه موسكو لدفع الحل السياسي وإنجاح مؤتمر «الحوار الوطني» في سوتشي. ويعكس نشاط اتصالاتها الدبلوماسية مع أنقرة، حرصها على تحييد أي تأثيرات قد يسببها التوتر على مشاركة تركيا الفاعلة في تحضيرات سوتشي، وتأمينها لحضور معارض كما حدث في أستانا، وخاصة أن دمشق لا تبدو مستعدة لوقف تحركها الأخير في ريف إدلب الشرقي، الذي تعتبره خطوة على طريق مكافحة الإرهاب على كامل الأرض السورية، وهو أمر شددت عليه خلال جولة محادثات جنيف الماضية. وبدا لافتاً، أمس، ما نقلته وسائل إعلام معارضة، عن إصابة جندي تركي، إثر استهداف قافلة عسكرية تركية في بلدة حيّان، شمال غرب حلب. وأوضحت المعلومات التي تم نقلها، أن القصف المدفعي أتى من مناطق سيطرة الجيش في بلدة رتيان المجاورة، فيما لم يصدر أي بيان رسمي من الجانب التركي، حول الحادثة، حتى ليل أمس.
وبعد اتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، رأى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن الحملة العسكرية المتصاعدة في محافظة إدلب سوف تسبب موجة نزوح جديدة، داعياً إلى وقف هجوم الجيش وحلفائه هناك. وأضاف أنه يتم نقاش هذا الملف مع روسيا وإيران، محذراً من أن القتال يعرقل الجهود الهادفة إلى التوصل إلى حل سياسي. كذلك، أجرى وزير الخارجية سيرغي لافروف اتصالين مع نظيريه، التركي مولود جاويش أوغلو، والإيراني محمد جواد ظريف. وناقش خلالهما، مستجدات الملف السوري، والتحضيرات حول مؤتمر «الحوار الوطني» المخطط عقده في أواخر الشهر الجاري. وفيما لم تصدر أي معطيات دقيقة عن تفاصيل النقاشات التي تضمنها الاتصالان، أشارت وكالات الأنباء الروسية إلى أن الرئيس بوتين اجتمع مع مجلس الأمن الروسي لبحث تطورات الوضع في سوريا. وبالتوازي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها تمكنت من تصفية المسلحين الذين استهدفوا قاعدة حميميم بقذائف هاون (ليلة رأس السنة، وتسبب ذلك بمقتل جنديين، وفق الوزارة)، إلى جانب تدمير مكان انطلاق الطائرات المسيّرة التي حاولت استهداف قاعدتي حميميم وطرطوس (ليلة الخامس والسادس من الشهر الجاري).
(الأخبار)