زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لموسكو، شبيهة في نتائجها بزيارة الوفد الأمني الإسرائيلي من جهاز «الموساد» و«الاستخبارات العسكرية» لواشنطن. تماماً كما استمع الجانب الأميركي وتفهّم قلق إسرائيل ومطالبها حول مرحلة ما بعد انتصار أعدائها في سوريا، لكن بلا نتائج عملية، وجد نتنياهو أذناًَ صاغية لدى القيادة الروسية، وكذلك تفهماً، لكن أيضاً بلا نتائج عملية.
مع ذلك، ورغم التقدير الإسرائيلي أنّ معقولية الفائدة المتأتية من الزيارة «هزيلة جداً» كما ورد في صحيفة «معاريف» أمس، فإن نتنياهو أصر على الزيارة ولقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حيث أعاد أمامه تكرار المواقف والتصريحات، قبل اللقاء وبعده، رغم إدراكه أن المسافة ما بين القول والعمل شاسعة جداً في الساحة السورية التي يصفها الإسرائيليون بأنها باتت مشبعة بالتهديدات، مع تعذر مواجهتها نتيجة تعقيداتها وتداخل المصالح فيها.
ويبدو واضحاً مما ورد في الإعلام العبري عن الزيارة وأجوائها ومضمونها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حاول لعب دور المحلل الاستراتيجي إزاء الساحة السورية، محذراً الجهة الأكثر إدراكاً ومعرفة بهذه الساحة، بأن عليها أن تتخذ دوراً حاسماً في التصدي للوجود الإيراني في سوريا وتناميه في المرحلة الحالية وما سيليها، ليس درءاً لخطر يحدق بإسرائيل وحسب، بل أيضاً بحلفائها في «الدول السنية» في المنطقة.
القناة الثانية العبرية ذكرت أن نتتياهو «شدد أمام بوتين التحذير من الوجود الإيراني في سوريا»، لافتاً إلى أنهم (الإيرانيين) يعملون على «لبننة سوريا»، وإيجاد تهديد هناك شبيه بتهديد حزب الله في لبنان. وقال إنهم جاؤوا إلى سوريا للبقاء فيها وإقامة قواعد عسكرية و«قطار بري عسكري من أجل مواجهة إسرائيل والبدء بحرب». ولفت إلى أن ذلك «تهديد كبير... لأن إدخال قوات شيعية هناك إلى مجال سني يمكن أن يؤدي إلى حرب شاملة».

نتنياهو أمام بوتين: الإيرانيون يعملون على لبننة سوريا

ونقل الإعلام العبري عن نتنياهو قوله، في ختام لقائه مع بوتين، أن إسرائيل ترى تغيراً خطيراً يتشكل في الشرق الأوسط، وبسرعة في الأسابيع الأخيرة. وأضاف في تأكيد لوجه الخطر أن تل أبيب «لا تريد إيران في سوريا، كذلك لا تريد تواصل إيران عبر العراق مع سوريا ولبنان»، لكنه شدد على أن إسرائيل تعمل على منع الحرب في موازاة إصرارها على العمل وفق الخطوط الحمراء الخاصة بها.
وبينما لم ترد عن نتنياهو إشارة إلى رد فعل مضيفه، وإن كان قد اكتفى بالاستماع إلى مطالبه كما فعل الأميركيون مع الوفد الأمني قبل أيام، قال إن معظم اللقاء تمحور حول محاولة إيران التمركز في سوريا، وهي «تواصل تهديد وجود إسرائيل وتمول الإرهاب وتطور برنامجاً صاروخياً». وأضاف أنه «في الوقت الذي نرحب فيه بهزيمة (تنظيم) داعش، فإن الأماكن التي يخرج منها تدخلها إيران... وقلت للرئيس بوتين أموراً واضحة جداً عن موقفنا في هذا الموضوع؛ إن ذلك خطير علينا وعلى المنطقة والعالم». وأضاف أيضاً: «قلت للرئيس بوتين إن هناك إمكانية لمنع حرب مستقبلية مع إيران إذا خرجت من سوريا، لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام نياتها في إنشاء بنية عسكرية بحرية، أو نقل قيادات فرق إلى سوريا».
في غضون ذلك، ذكر موقع «واللا» العبري أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، مايكل راتني، سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية والأمن، ستتركز حول مسألة الاتصالات لوقف القتال في سوريا، وذلك على خلفية القلق الإسرائيلي من تعاظم إيران وتمركزها هناك.
ونقل الموقع عن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إن الاتفاق حول سوريا لم يوقّع بصورة نهائية بين أطرافه، وإن الجهود الإسرائيلية مستمرة للتأثير في مضمونه. ووفق المصادر نفسها، الاتفاق هو مجرد عامل واحد من بين عدة عوامل، و«هناك عملية كبرى لتسوية دولية، لكن في الوقت نفسه هناك إشارات إلى أن التعاظم الإيراني، مع حضور بري وبحري، مستمر ومتواصل».