حلب | بينما كان الدكتور المهندس أيمن الشمالي، يوضّب حقائبه مغادراً السعودية، دُهمَ مقرُّ عمله وأُوقِفَ في الرياض، وأُحيل على محكمة أمنية بتهمة «تأييد النظام السوري». وبعد سرقة جميع وثائقه الرسمية، تجاهلت السلطات تنفيذ أمر ملكي قضى بترحيله جواً إلى لبنان.
أما القرائن التي اعتمد عليها قرار الإدانة، فكانت جملاً شعرية تتغنى بسوريا، تناقلتها بعض صفحات التواصل الاجتماعي. واليوم، تسعى عائلته التي تمكنت من المغادرة قبل توقيفه، إلى استصدار جواز سفر جديد له، لتمكينه من مغادرة الأراضي السعودية قبل أن يصدر بحقه حكم جائر، أسوة بموقوفين آخرين.
ولدى محاولة «الأخبار» التواصل مع عدد من السوريين المقيمين في السعودية، رفض أغلبهم الحديث عن تلك التوقيفات، فيما تخوف آخرون من ذكر أسمائهم خشية مصير مماثل، مؤكدين أنهم أغلقوا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي واشتراكاتهم في المجموعات الإخبارية التي تنقل أخبار الجيش وعملياته العسكرية. وقال فادي، المقيم في السعودية، في حديثه إلى «الأخبار»: «أرجو تفهّم ظروفنا. نحن مع وطننا، ونعمل لإعالة أهلنا الصامدين هناك، ولكنهم تمكنوا من إشاعة جو الرعب بيننا. وأنا أحمّل السوريين المعارضين المسؤولية قبل السلطات السعودية».
«اللهم أعنّي على الصيام والقيام ودعم النظام»، عبارةٌ ذُيِّلَت بها صورة للرئيس بشار الأسد، على إحدى صفحات «فايسبوك»، كانت كفيلة بتوقيف المهندس محمد فراس عبارة، المقيم في المملكة منذ سنوات طويلة. وفراس واحد من ضحايا هذه الحملة «المكارثية»، لكن المثير في الأمر أنه حكم بالسجن لسبع سنوات، منها اثنتان لأنه أدين بـ«الحديث مع (الجنس الآخر) عبر (واتس أب)» إلى جانب تهمة «موالاة الإرهاب»، لكونه «وضع صورة الرئيس بشار الأسد والعلم السوري في مكتبه، وصورة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مكتوباً عليها (الموت لإسرائيل وأذنابها)». ورأت والدة فراس، منى الإدريسي، في حديث إلى «الأخبار» أن «الحكم كان مفاجأة لنا. لم يقم فراس بأي تعرض للسعودية وحكامها. هو شاب يحب وطنه، ويريد التخلص من الإرهاب الذي تدينه السعودية، وهو يعادي إسرائيل. كنا نتوقع الترحيل، لا هذا الحكم الظالم».

أطلق بعض السوريين حملة بهدف «التبليغ عن المؤيدين»

وكان عدد من السوريين، أطلقوا على أنفسهم اسم «صقور بن نايف» (نسبة إلى محمد بن نايف، وزير الداخلية السعودي السابق)، قد نظّموا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي عبر وسم «شبّيحة بشار بالسعودية»، بهدف «التبليغ عن السوريين المؤيدين» للدولة، ونشر صورهم وعناوينهم، مع عنوان بريد إلكتروني خاص بتبليغ المباحث العامة السعودية. وخلقت هذه الحملة جواً من الرعب لدى البعض، ما دفع بعضهم إلى تغيير عنوان سكنه، وإغلاق حسابه على «فايسبوك»، أو حتى مغادرة الأراضي السعودية.
واستغل بعض هؤلاء، صداقتهم أو قرابتهم مع سوريين مؤيدين للدولة، لنشر صورهم وأسمائهم الثلاثية وعناوين سكنهم وعملهم، بغية إشاعة جو من الإرهاب النفسي، بالتوازي مع قيام المباحث السعودية بحملة اعتقالات واسعة طاولت عدداً من الأشخاص المنشورة أسماؤهم. وحفلت الحملة بالسباب البذيء والتحريض العنصري والطائفي باستخدام ألفاظ نابية.
وقال رامي، وهو أحد السوريين الذين كانوا يعلنون تأييدهم على صفحات التواصل الاجتماعي وغادروا السعودية بعد حملة الاعتقالات، إن «السعوديين لم يتعرضوا لنا بأي شيء قبل تحرير حلب. ولكن تحريض بعض السوريين أثمر دفعَ الأمن السعودي إلى شن حملة الاعتقالات». وتحفّظ رامي عن ذكر اسمه الكامل، خشية مضايقة ذويه ممن بقوا في السعودية، محملاً بعض السوريين مسؤولية التحريض الأولى.