دمشق | رغم جميع محاولات مسلّحي بلدة خان الشيح للمغادرة نحو درعا القريبة جنوباً، أصرّت القيادة السورية على رؤيتها لاتفاق المصالحة الخاص بالبلدة، والتي تحدد وجهتهم شمالاً نحو إدلب. إتمام إجلاء جميع المسلحين لم يُنجز أمس، وتوقفت العملية بسبب صعوبة التحرك ليلاً بين المناطق السورية، على أمل لجان المصالحة باستكمال خروج الباصات اليوم.
مستشار وزارة الدولة لشؤون المصالحة أحمد منير محمد، كشف في حديث إلى «الأخبار» عن تفاصيل التعثر الذي أصاب اتفاق خان الشيح وزاكية مرات عدة، موضحاً أن «المسلحين الفلسطينيين عارضوا التوجه إلى إدلب، في البداية». ووفق مستشار المصالحة، فإن الدفعة الأولى من المسلحين وعائلاتهم انطلقت صباح أمس إلى مدينة إدلب، بعد وصول 42 حافلة، من المفترض أن تقل ما يقارب 3000 شخص، بينهم 1450 مسلحاً، بمن فيهم 350 مسلحاً فلسطينياً إضافة إلى 589 امرأة، و900 طفل ورجل، إضافة إلى استقدام 25 سيارة إسعاف لتقلّ جرحى المسلحين، من خان الشيح وزاكية.
وكان قد تم تأخير الاتفاق مرات عدة بسبب عراقيل تتعلق بالخلاف ما بين الحكومة ومسلحي المنطقة على وجهة انتقالهم، بين الجنوب والشمال. يأتي ذلك بسبب إصرار المسلحين، سابقاً، على انسحابهم جنوباً باتجاه مدينة درعا، بسبب علاقات بعضهم مع قادة مرتبطين بغرفة «الموك» التي تتركز عملياتها في الجنوب. ومثّل إصرار الحكومة السورية على اختيار إدلب كوجهة وحيدة، ضغطاً كبيراً على ممثلي عملية التفاوض من قبل المسلحين، بعدما طاولتهم اتهامات مسلحي إدلب بالخيانة، باعتبارهم من مسلحي الغوطة الغربية الذين «تقاعسوا عن نصرة مسلحي داريا»، قبل انسحابهم أيضاً إلى إدلب في وقت سابق.
وتتبلور إرادة الدولة السورية بإبعاد شبح العنف عن ريف دمشق الجنوبي الغربي، لتكرّ السبحة وينفرط عقد المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش السوري، بعد بدء الاستعدادات لعودة مؤسسات الدولة إلى خان الشيح التي تبعد عن دمشق مسافة 20 كلم إلى الجنوب الغربي. وسيضع إتمام المصالحة في كامل الغوطة الغربية أوتوستراد السلام بين دمشق والقنيطرة في منأى عن أي تهديد، بوصفه جسراً عسكرياً استراتيجياً، لمدّ القوات السورية المتمركزة في ريفي درعا والقنيطرة بالتعزيزات المطلوبة.
أما مدينة التل، على المدخل الشمالي الغربي للعاصمة السورية، فقد انتكست عملية مصالحتها مجدداً بعد نقض مسلحيها للاتفاق المُنجز نظرياً، بين لجان المصالحة ووجهائها، من خلال استهداف أحد حواجز الجيش في المنطقة، ليردّ الجيش بدوره على مصادر النيران، ويتقدم لكسب مناطق جديدة، فارضاً سيطرته على نقاط في منطقة المداجن والتلة ومحيط الفيلا الحمراء، إضافة إلى شركة الكهرباء غربي المدينة. وبحسب مستشار وزارة المصالحة أحمد منير محمد، فقد فرض دخول الجيش منطقة وادي موسى أن يطلب مسلحو التل «الصلح، بضغط شعبي»، وهو ما أفضى إلى تحرك لجان المصالحة للقيام بلقاء مع المواطنين في المركز الثقافي في المدينة قبل الانتقال لاحقاً إلى مسجد المدينة، وإقرار 10 بنود للاتفاق. وتتضمن البنود المتفق عليها: «إعطاء المطلوبين إلى الخدمة الإلزامية مهلة 6 أشهر، للقيام بالتأجيل أو تسوية أمورهم العسكرية، وتشكيل وحدة شعبية مكوّنة من ما يقارب 200 شخص من أبناء التل، لحماية المدينة، إضافة إلى دخول مؤسسات الدولة وتسوية أوضاع المسلحين».
وأوضح محمد أن عدد مسلحي التل يصل إلى 1500 مسلح، من بينهم مسلحو «جبهة النصرة» الذين يعرقلون الوصول الى تنفيذ الاتفاق، على الرغم من محاولات الأهالي المستمرة الضغط عليهم لإخراج المدينة من دائرة العنف، مضيفاً أن الجيش أعطى مسلحي المنطقة مهلة 48 ساعة قبل البدء بعمل عسكري جديد. وأشار إلى أن ملف المصالحة في بلدة كناكر شهد تقدماً مهماً، يمكن الإعلان عنه عقب إتمام إجلاء المسلحين عن خان الشيح، إضافة إلى تواصل مستمر مع ممثلين عن وجهاء دوما وجوبر.