دمشق | خرج حيّ برزة الدمشقي، شمال العاصمة، من دائرة الصراع. انضم إلى جيرانه وطوى مرحلة أليمة من تاريخ المدينة. خرجت الدفعة الأخيرة لمسلحيه في اتجاه الشمال السوري، لتتجاوز المنطقة كل ما مرّت به من أهوال. سكان مساكن برزة ومحيطها سيستطيعون النوم أكثر اطمئناناً، فما من تهديد قريب ليومياتهم، ولا أصوات مهولة تخرّب سلامهم وهدوء منازلهم، بفعل معارك الأحياء المجاورة.
خروج الدفعة الأخيرة أتى ليشلّ عمل الخنجر المغروس في خاصرة العاصمة الشمالية الشرقية، عبر مسلحين سابقين من صنف «أبي نمر»، الذي قُتل في الحي المذكور، قبل أن ينجح في استكمال مشروع إعداد أطفال انتحاريين لتفجير مواقع محددة في العاصمة السورية، وهو والد الطفلة «فاطمة» التي فجّرت نفسها في قسم شرطة حي الميدان، قبل أشهر. الحي لفظ آخر دفعة من مسلحيه، وعددهم 400، يحملون 376 قطعة سلاح خفيف «كلاشنيكوف»، إضافة إلى عائلاتهم، ليكون عدد المغادرين الإجمالي 1012 شخصاً، استقلّوا 21 حافلةً من الحي الواقع في الشمال الشرقي تماماً من العاصمة السورية، باتجاه مدينة إدلب، وجرابلس الحدودية. بعضهم قدم من قرى وبلدات الغوطة الشرقية، في محاولة للهرب من المصير القريب المشابه للغوطة أيضاً. المسلحون المغادرون حاولوا منع كل محاولات تصويرهم، باعتبارها مشاهد مذلّة بحقهم، غير أن صوراً وتسجيلات عديدة تسرّبت لعملية مغادرتهم. انتهاء العنف في الحي سهّل استكمال تأمين قوس الأحياء المتجاورة، من بينها القابون وحي تشرين، بانتظار تسوية أوضاع 300 من مسلحي برزة، ممن اختاروا البقاء، قبل الإعلان عن انتهاء العنف إلى غير رجعة. يأتي ذلك بالتزامن مع تمشيط الجيش لآخر معاقل المسلحين وتحصيناتهم، فيما قام كثير منهم بحرق بعض مقارهم. أهالي الحي قاموا بالإخبار عن أنفاق تركها المسلحون، استخدموا المخطوفين في عملية حفرها، ليصار إلى تفتيشها وتمشيطها من قبل الجيش أيضاً. وينتظر السوريون أن تنفرج عملية تسوية الأوضاع هذه عن تحرير 40 مخطوفاً داخل الحي. ومن المتوقع فتح الطريق باتجاه ضاحية حرستا خلال أيام، باعتباره طريقاً حيوياً، ما يسهّل عودة الحياة الطبيعية إلى حي برزة بشكل أسرع، ويؤمن حي عش الورور من القنص الذي لطالما عانى منه في السابق. كذلك ينتظر تفعيل طريق برزة ــ عش الورور باتجاه معربا والتل، الذي كان معتمداً قبل خروج الحي عن سيطرة الدولة السورية، ما يمكن أن يخفف الضغط والازدحام على الداخلين إلى العاصمة أو الخارجين منها.
وتتوقع مصادر ميدانية أن يتفرغ الجيش لتنفيذ مصالحات جديدة في مناطق أخرى، من بينها مخيم اليرموك، جنوب شرق دمشق، ضمن جدول زمني قصير نسبياً. وبحسب المصادر ذاتها، فإن انتهاء ملف المخيم يفضي إلى تفرّغ الجيش لعقد تسويات جديدة في بلدات الغوطة الشرقية، بهدف إخراجها من ملف الصراع. المصادر الرسمية والميدانية وعدت بمفاجآت قادمة، من ريف العاصمة، على صعيد ملف التسويات، ما قد يفضي بدايةً إلى إغلاق ملف مدينة جيرود في القلمون الشرقي، التي تشكل امتداداً جبلياً وعراً للوجود المسلح في غوطة دمشق الشرقية، التي ستواجه عبئاً جديداً ينتهي بعزلها وحصارها.