دعا وزير الاستخبارات الإسرائيلي يعقوب كاتس واشنطن إلى ضرورة مواجهة «الوجود الإيراني الدائم في سوريا في أيّ تسوية لإنهاء الحرب السورية»، فيما حذّر ضابط رفيع في شعبة الاستخبارات التابعة لجيش العدو من هذا الوجود، مشيراً إلى أنه أكثر ما يشغل الاستخبارات الإسرائيلية.
وذكرت تقارير إعلامية عبرية أن كاتس دعا، خلال زيارة يقوم بها إلى الولايات المتحدة، إلى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان على خلفية الحرب في سوريا والاستقرار الإيراني داخلها. وبحث كاتس في لقاء أجراه مع مسؤولين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي «قضايا تتصل بالتآمر الإيراني في الشرق الأوسط»، في سياق العمل على إيجاد تفاهم مشترك بين تل أبيب وواشنطن حولها. وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، أكد الوزير الإسرائيلي ضرورة مواجهة «الوجود الإيراني الدائم في سوريا في أيّ تسوية لإنهاء الحرب السورية»، مشيراً إلى أن «من شأن هذا الوجود أن يلزم إسرائيل بتعزيز قواعدها وقواتها في الجولان والجليل بشكلٍ يرتّب عبئاً اقتصادياً واجتماعياً عليها، حتى من دون إطلاق صاروخ واحد باتجاهها». وأشار إلى أن على الولايات المتحدة العمل مع دول المنطقة من أجل منع إيران من إيجاد تواصل جغرافي بري بين العراق وكل من سوريا ولبنان». كذلك دعا إلى فرض عقوبات «شالّة» على كل من إيران وحزب الله «لكي نمتنع عن وضع تكون إسرائيل فيه مضطرة إلى الرد بقوة ضد الدولة اللبنانية، رداً على قصف حزب الله مدنيين وبنى تحتية داخل إسرائيل».
من جهة أخرى، نشرت صحيفة «معاريف» أمس مقابلة مطولة مع مسؤول الساحة الشمالية الشرقية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تمحورت حول الوضع في الساحة السورية. وقال الضابط الذي عرّفت عنه الصحيفة بالعقيد «ألف» إن «التهديد الإيراني هو أكثر ما يشغلنا اليوم في الشأن السوري. فعندما يكون لديك عشرة آلاف مقاتل شيعي يمكن تحريكهم بأمر بسيط من مكان إلى آخر، فإن من الممكن أن تجدهم في الجولان إذا اقتضت الحاجة ذلك... الإيرانيون يريدون حضوراً عسكرياً وقواعد تسمح لهم بمواصلة تعزيز قوة حزب الله». وأضاف «يجب أن نفهم أن من الصعب جداً مواصلة تعزيز قوة حزب الله من دون حرية حركة وتنقل داخل سوريا. تقريباً كل ما ينتقل بين إيران ولبنان يمر عبر سوريا، ولذلك يوجد جهد إيراني كبير لتعزيز كل هذه القوات. بعضها معدّ للانتشار قبالتنا، وبعضها لانتشار أوسع. إنهم يساعدون السوريين في ترميم قدرات الإنتاج العسكري الخاصة بهم، ويحاولون إنشاء قدرات إنتاج كهذه في لبنان».
ورأى العقيد «ألف» الذي تضم ساحته كلاً من إيران والعراق وسوريا ولبنان أن إيران تتكلف مليارات الدولارات في دعم سوريا «ويشمل هذا خط اعتماد نفطي بحجم كبير، وكذلك مسلحين، وتجهيزات، وذخيرة ومال. نحن نتحدث عن عشرات آلاف الأطنان من الوسائل القتالية والتجهيزات التي تنقلها إيران سنوياً إلى سوريا وحزب الله. ويريد الإيرانيون تأسيس مقابل لهذا الاستثمار، ولذلك هم يتطلعون إلى بناء ميناء بحري على سواحل المتوسط، كذلك فإنهم يؤسّسون لتملكات عقارية وأخرى لها علاقة بالتعدين».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الميناء قيد التطوير، أم أنه لا يزال مجرد طموح، أجاب العقيد ألف «إنهم يريدون ميناءً، لكن الأمر لا يزال في طور التخطيط. وهم لا يريدون الميناء فقط من أجل إسرائيل، لكنّ ميناءً كهذا يجب أن يشغلنا كثيراً، لأن ذلك يعني أن باستطاعتهم المجيء إلى هنا بسفن محمّلة بالأسلحة والذخائر. وهذا سوف يساعدهم في التغلب على التحديات التي يواجهونها في نقل السلاح إلى هذه الساحة». واستطرد شارحاً «بشكل عام، إن المزج بين الصناعة العسكرية الإيرانية المتطورة جداً وقوة القدس في الحرس الثوري الموجودة في سوريا والجهود الرامية إلى تعزيز قوة حزب الله وقدراته، إن هذا المزج خطير على المنطقة. إن أي شيء يساعدهم في نقل أسلحة وذخائر إلى هنا بصورة ناجعة وآمنة، يجب أن يقلقنا».
ورأى أن الجهود التي يبذلها الإيرانيون في سوريا تتيح لهم المناورة على أشياء لم يعرفوها في السابق، «فالقتال هنا يحصل في إطار ائتلافي، مع حزب الله والجيش السوري وبالتنسيق مع الروس، وهذا يعني تفعيل أطر عمل مركبة. وبالنسبة إلى الإيرانيين هذا تدريب ممتاز، رغم أنه بثمن باهظ». ورأى أن القدرات الإيرانية على هذه الصعيد في طور التحسّن «ولا تعنينا القدرات التقليدية الإيرانية، إذ إننا لا نقدر أن دبابات إيرانية ستأتي إلى هنا. ما يجب أن يقلقنا أكثر هو قدرات حزب الله. ولا يستطيع أحد أن يقول إن حزب الله هو نمر من ورق. إنهم (الحزب) يبذلون جهداً كبيراً في سوريا، وقد اكتسبوا قدرات ومعارف، بما في ذلك القتال المدمج مع قوات القدس الإيرانية والجيش السوري. في المستقبل، سيمكنهم أن يصرفوا هذه الفائدة في المواجهة معنا. اليوم، حزب الله قريب من تصنيفه كجيش، بما يشمل القدرة على الدمج بين الاستخبارات والنار وتنفيذ عمليات لم يتعرفوا عليها في الماضي».
وأشار العقيد «ألف» إلى أن إسرائيل تدرس قدرات حزب الله من خلال ما يحصل في سوريا: «علينا أن ننظر عامين أو أربعة أعوام إلى الأمام من أجل أن ندرس على المستوى التكتيكي معركة حلب كي نستطيع القول أي قدرات سيجلب حزب الله معه إلى لبنان بعد هذه الحرب». وحول معركة حلب قال إنه «من الناحية التكتيكية، كان هذا الحدث مثيراً للاهتمام. كانت فيه عناصر من الخداع، وفي مرحلة معينة نفذوا التفافاً عميقاً وهاجموا من الطرف الثاني، ثم قطعوا الجزء الشرقي من حلب وحاصروا الأحياء وعملوا مقابلها بطريقة حرب المدن، وهكذا نجحوا في احتلال المدينة خلال أقل من شهر». وحول العبر التي ينبغي للجيش الإسرائيلي أن يستخلصها من هذه المعركة، قال الضابط الإسرائيلي «علينا أن نتابع ذلك وندرسه، لأن هناك احتمالاً بأن نواجه هذه القدرات في المستقبل».