دخل التوتر الأميركي ــ الروسي عقب انهيار «الهدنة» مرحلة جديدة مختلفة، تبشّر بأن الإدارة الأميركية الجديدة ستدخل ــ بصورة مختلفة عن السابق ــ الميدان المشتعل بعيداً عن أي هدن أو تهدئة. وبينما تراكم موسكو عملها الميداني في دعم الجيش السوري وحلفائه، الذي يختم عامه الأول، تبدو واشنطن مجبرة على الدفع بخيارات جديدة من شأنها الحفاظ على التوازن الميداني القائم، ضد دمشق وطهران وموسكو، أو حتى العمل على قلب الموازين عبر دفعها بأوراق تملكها في الشمال السوري، وخاصة في الشرق منه، وصولاً إلى العراق وما بعد الحدود المشتركة.التصعيد الأميركي ضد «الشركاء» في موسكو، الذي انطلق بالتعاون مع الحلفاء الأطلسيين في مجلس الأمن، عاد ليلوّح بحزمة من «الخيارات الجديدة» التي حشدتها وزارة الخارجية تباعاً أمس، بدأها الوزير جون كيري بإعلانه أن بلاده «على وشك تجميد محادثاتها مع روسيا... وهذه المرحلة تفرض علينا أن نبحث عن بدائل». وبعد حديث نائب وزير الخارجية أنتوني بلينكن حول بحث وكالات الأمن القومي «خيارات جديدة» بشأن سوريا، بناءً على طلب من الرئيس باراك أوباما، عاد المتحدث باسم الوزارة جون كيربي ليحذّر موسكو من أن وقف تعاون بلاده معها «سيوسّع عمليات الجماعات الإرهابية ضدها»، مشيراً إلى احتمال «وقوع هجمات تطال المصالح والمدن الروسية... كما أن موسكو ستستمر في إرسال جثث جنودها من سوريا، وستخسر مواردها إضافة إلى طائراتها».
اللهجة الأميركية كانت مستفزّة بشكل كاف ليردّ المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف بأن تصريحات كيربي هي «اعتراف صريح بأن جميع ما يسمى فصائل المعارضة ليس إلا حشداً إرهابياً دولياً خاضعاً لإمرة واشنطن»، مشيراً إلى أن قواته على «علم كامل بعدد من تسميهم واشنطن خبراء في سوريا، وفي محافظة حلب حصراً، وعملهم على وضع خطط العمليات العسكرية والإشراف على تنفيذها».
تعمل واشنطن على إنشاء «منطقة عازلة» بين سوريا والعراق

وفي وقت أتى فيه حديث الكرملن واضحاً حول التمسّك بدعم قوات الجيش السوري، يطرح الحديث عن خيارات واشنطن «الجديدة» تساؤلات عديدة حول طبيعتها وآلية تطبيقها على الأرض، على ضوء تعذّر مسار التهدئة وغياب الأفق السياسي.
في الميدان، تملك واشنطن عبر حلفائها الإقليميين إمكانية لدعم الفصائل المنخرطة في معارك ضد الجيش، وخاصة على جبهات حلب وريف حماة والجنوب، على غرار ما جرى يوم تشكيل «جيش الفتح» واجتياحه لمدينة إدلب وجزء كبير من ريفها، وإعادة هيكلته التي بدأت أوائل أيار الماضي، والتي مكّنته من التقدم في ريف حلب الجنوبي وكسر طوق الجيش حول المدينة في منطقة الراموسة أوائل آب الماضي، قبل أن يعود الجيش وحلفاؤه إلى إحكام الطوق مجدداً.
ويظهر طريق الكاستيلو الذي بقي مدة طويلة بوابة الإمداد لفصائل أحياء حلب الشرقية كهدف محتمل لأي عمليات برية مدعومة بدفعات أسلحة جديدة كان قد تحدث عنها مسؤولون أميركيون مؤخراً، وظهرت طلائعها عبر أعداد كبيرة من صواريخ «غراد» ومنصات متحركة.
وبالتوازي، ظهرت تلك الدفعات في الريف الحموي الذي يشهد معارك عنيفة يقودها «جند الأقصى» و«أجناد القوقاز» و«جبهة فتح الشام ــ النصرة»، في محاولة للتقدم نحو مدينة حماة، ضمن تحالف مع عدد من الفصائل التي تتلقى دعماً أميركياً. وقد يشكّل أي خرق على جبهة حماة خياراً جيّداً لواشنطن في الأفق؛ فإضافة إلى موقع المدينة الاستراتيجي الذي يتوسط شبكة الطرق الدولية التي تربط عدداً كبيراً من المحافظات والجبهات، يعدّ مطار المدينة منطلقاً مهماً لتنفيذ غارات على جبهات كثيرة تمتد من حلب إلى تدمر، وسيشكل تعطيله عائقاً كبيراً لقوات الجيش السوري وحلفائه.
كذلك، قد تلجأ واشنطن إلى خطوة الدفع بصواريخ مضادة للطائرات إلى الفصائل المسلحة، وهو ما قد ظهر سابقاً في حوزة الفصائل وإن بكميّات قليلة (إن لم تكن موجودة بعدد أكبر ولا يزال «الفيتو» ضد استخدامها مرفوعاً)، وهو ما قد يحدّ من حركة سلاح الجو السوري، وخاصة المروحي منه، وسيدفع بموسكو إلى التفكير مرتين قبل كل طلعة جوية لمقاتلاتها.
ولا يمكن إغفال دور رئيسي قد تسعى واشنطن إلى توسيعه بشكل ملحوظ، وهو العمل على تزويد الفصائل بمعلومات استخبارية ولوجستية قادرة على عرقلة تحركات القوات السورية على الأرض، وهو ما كانت تقدمه واشنطن على جبهات محددة وعبر قنوات مختلفة.
خيار الشمال و«المنطقة العازلة»
ويبقى الخيار الأميركي الاستراتيجي على الأرض هو توسيع وتمتين منطقة نفوذها الرئيسية، عبر «الوحدات» الكردية في الشرق والشمال الشرقي، والقوات التركية التي تتقدم من الشمال نحو مدينة الباب وريفها، نحو أعتاب حلب الشمالية.
بالنسبة إلى ريفَي الرقة ودير الزور، تعمل واشنطن على إنشاء «منطقة عازلة» بين سوريا والعراق، ومعركة الموصل ضمن هذا الهدف. هذه المنطقة تضيّق الخناق على تحرّك القوات العراقية الحليفة لدمشق، والإيرانية أيضاً، إلى الأراضي السورية. كذلك تُبقي الحرب مستعرة في جبهات الجيش السوري المفتوحة لمزيد من الاستنزاف له في مناطق قتاله الحيوية.
وفي ما يخصّ «الورقة التركية»، ورغم ما قد يحمله تماس قوات الجيش السوري مع القوات التركية الغازية من الشمال نحو «الباب» وريفها من تبعات لا يمكن التكهن بها، فإن واشنطن قد تعمل على ترسيم حدود من نوع آخر في جوار مدينة حلب، وهو ما سيرمي الكرة في ملعب موسكو، ويضع على المحك «التفاهمات» المبرمة مع تركيا بعد المصالحة الأخيرة.

الجنوب

ولا شك في أنّ الخطوات الأميركية المرتقبة على اختلافها، تُبقي ورقة الجنوب السوري مفتوحة، لنكون أمام احتمال تصعيد جديد تدفع به إسرائيل في جبهتي درعا والقنيطرة، على غرار ما حدث قبل 20 يوماً، عندما دعمت تل أبيب وأدارت معركة المسلحين على اختلاف أطيافهم ضد الجيش السوري في المنطقتين المذكورتين.
هذه الأوراق والخيارات الأميركية تضع دمشق وحلفاءها أمام مواجهة مختلفة؛ مواجهة تفرض تدخّلاً و«عناداً» روسياً أكبر، إضافة إلى توسيع الحضور الإيراني مع الحلفاء، خاصة في مدينة حلب وأريافها.




موسكو: تحذيرات واشنطن أمر عاطفي طارئ

أوضح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن بلاده، رغم أنها لا ترى بديلاً من التعاون مع واشنطن حول سوريا، ترفض «لغة التحذيرات»، مضيفاً في تصريح نقلته وكالة «انترفاكس» أن بلاده ستتعامل مع «التحذيرات الأميركية على أنها أمر عاطفي طارئ... وتشكل دعماً للإرهابيين».
وأوضح أن التصريحات الأميركية تشير إلى «أي مستوى انحدرت سياسة واشنطن حيال سوريا»، داعياً إلى «التركيز على تحقيق بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه، والكفّ عن سياسات الضغط والتهديد». وأشار إلى عدم موافقة بلاده على إعلان «هدنة مدتها سبعة أيام في حلب»، مضيفاً أن ما قد يتم قبوله هو «هدنة لا تتجاوز 48 ساعة»، ومحذراً من أن المسلحين «يستثمرون الهدنة لإعادة التمركز».
(الأخبار، الأناضول)




أوباما: لا قوات برية أميركية إلى سوريا

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن خيار إرسال قوات برية إلى سوريا مرتبط بوقوع تهديد مباشر ضد الجيش الأميركي، معتبراً أن «إرسال قوات كبيرة لن يكون من شأنه إيقاف حرب أهلية تنخرط فيها جميع الأطراف بقوة»، وفق ما نقلت قناة «سي أن أن» الأميركية.
وأكد خلال اجتماع مع ممثلين عن الجيش، أول من أمس، أنه في حال تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، من دون وجود تهديد مباشر لها، فـ«سيعدّ هذا انتهاكاً للقانون الدولي، وسيكون بمثابة احتلال».
وأضاف أن «هناك حدوداً لما يمكن فعله، ما لم تجتمع الأطراف للتوصل إلى حل سياسي دبلوماسي»، مذكّراً بتكلفة التدخل العسكري الأميركي في العراق وأفغانستان، ومعرباً عن اعتقاده بعدم وجود حل عسكري في سوريا، ومعتبراً أن «المشكلة تكمن في دعم روسيا وإيران للنظام».
(الأخبار، الأناضول)