هدوء حذر ساد أجواء العاصمة السورية دمشق، أمس. لم يعكّره سوى أصوات اشتباكات بعيدة، ولكن ليست بالعنف المعتاد. داريا، في الغوطة الغربية، باتت خارج الحسابات العسكرية، إثر إتمام المرحلة الأولى من بنود الاتفاق الأخير القاضي بإخلاء المسلحين للمدينة. ومع تسلّم قوائم المسلحين الخارجين شمالاً، باتجاه مدينة إدلب، أُعلن خروج 10 حافلات، في اليوم الأول، على أن يُستكمل تنفيذ مراحل الاتفاق كُلّه، في الأيام الثلاثة الباقية. وقد وصل عدد الخارجين إلى 500 شخص، من مسلحين وعوائلهم.
عملية الإخلاء جرت بهدوء، دون أية عراقيل، وسط معلومات أكّدتها مصادر ميدانية، عن عملية إحراق المسلحين، قبل خروجهم، جميع المستندات التي يُعتقد بوجودها في المدينة خشية إثبات تورط بعضهم بالتعاون مع غرفة «الموك»، أو أي عناصر غير سوريين.
وكشف الستار، أمس، دماراً نسبته 65%، بعدما شهدت المدينة أعنف المعارك، بحكم موقعها الاستراتيجي المشرف على مناطق إمداد المسلحين في الغوطتين، وصولاً إلى خان الشيح وريفي درعا والقنيطرة. ومن المتوقع، وفق المصادر، أن يُتيح إقفال الملف العسكري للمدينة تفعيل المصالحة في مدينة المعضمية المجاورة، الذي ما زال شائكاً. وهذا يعني دخولاً مرتقباً لوحدات الجيش إلى أحياء المعضمية أيضاً.
تستمر الاشتباكات بين الجيش ومسلحي الفتح داخل الكليات في حلب

وحضر عناصر من الأمم المتحدة إلى داريا للإشراف على تأمين العائلات الخارجة منها، عقب وصول حافلات عدة إلى بلدة حرجلة، التابعة لمنطقة الكسوة، في ريف دمشق، حيث سيقيم بعض المدنيين في مركز إيواء هناك.
وعلى وقع عملية إخلاء داريا، واصل الجيش أعماله العسكرية في الغوطة الشرقية، باستهدافه المتواصل لتحركات مسلحي «جيش الإسلام» في الريحان ومزارع الريحان والشيفونية ودوما، إضافة إلى اشتباكات متقطعة على محاور حي جوبر الدمشقي، شرق العاصمة.
وفي حلب، تواصلت الاشتباكات بين الجيش ومسلحي «جيش الفتح» داخل «الكليات»، جنوب غربي حلب، حيث تمكّن الجيش من إنجاح مناورة لعناصره، استهدف فيها تحركات المسلحين داخل المباني. وجاء ذلك بالتوازي مع سيطرة القوات العسكرية على تلتي أم القرع والسيرياتل، ما منحها إمكانية إحباط أي محاولة تسلل محتملة، لـ«الفتح».
وتعزو مصادر ميدانية، إلى «الأخبار»، سبب نجاح المناورة إلى «تنسيق جيد لم يتوافر سابقاً، بين القوات البرية في منطقة الكليات، والطيران الحربي»، ما أكّد إقفال الثغرة الدفاعية في المنطقة بشكل كامل، عبر الوسائط النارية، الأمر الذي يعني استحالة مرور المسلحين وآلياتهم، باتجاه الأحياء الشرقية. وفي السياق، حقّق الجيش تقدّماً محدوداً على محور الراموسة، جنوبي حلب، انطلاقاً من منطقة الكراجات، وسط إشراف ناري على تحركات المسلحين في محيط المنطقة.
وفي ريف حلب الشمالي الشرقي، شهد محيط مدينة منبج تقدماً لـ«الجيش الحر»، إثر اشتباكاته مع «قوات سوريا الديموقراطية»، غير أنها ما لبثت أن توقفت، بعد انتشار معلومات توجب «فسح المجال أمام الحر، لوصل جبهاته باتجاه مارع وإعزاز»، في الريف الشمالي، ليتمكن من طرد مسلحي «داعش»، أسوة بما جرى في مدينة جرابلس، أقصى شمال شرقي البلاد. ما يتيح التقدم بخط أفقي لـ«الحر»، ومن ورائه الداعم التركي، الأمر الذي يعني أن تكون المنطقة ممراً أكثر أمناً لعملية دخول المسلحين. ورغم تصريحات وزارة الدفاع التركية بأن عدد دبابات الجيش التركي لن يتجاوز 20 دبابة، فإن مصادر ميدانية ذكرت أن عدد الدبابات وصل إلى 40 داخل الأراضي السورية.