حلب | قذائف صاروخية أطلقتها الجماعات الإسلامية من حلب القديمة باتجاه قلبها التجاري الحديث كانت كفيلة بتحويل نهار أمس الربيعي المشمس إلى ظلام دامٍ في عيون المئات من سكان حلب الذين كانوا يتسوقون ويراجعون الدوائر الحكومية لمتابعة مصالحهم التي تعقدت أكثر مع الإرهاب.الحصيلة الأولية للضحايا كانت 15 شهيداً بينهم أطفال، وأكثر من ثلاثين جريحاً، ما أدى إلى استنفار أقسام الإسعاف في المشافي الحكومية.

أشلاء متناثرة ودماء وحطام ومئات من السوريين يتراكضون في غير اتجاه اتقاء لقذيفة جديدة لا يعرفون أين ستسقط. بعضهم لجأ إلى محل تجاري لينبطح أرضاً مع موظفيه وزبائنه، وآخرون في مداخل الأبنية، فيما سارع سائقو السيارات لمغادرة المنطقة، ليضيف توتر السائقين وأبواق سياراتهم مزيداً من التوتر على المشهد.
في تقاطع شارع بارون التاريخي مع شارع القوتلي سقطت أولى القذائف، لتقتل ثلاثة على الفور. تبعتها قذيفة ثانية في "بستان كل آب"، جنوب العدلية المؤقتة التي يكتظ محيطها بمئات مراجعي المحاكم من محامين ومتقاضين، ليقع العدد الأكبر من الجرحى بسقوط قذيفة ثالثة في المنشية.
القذيفة الرابعة سقطت على سطح بناء المغسلة وقتلت طفلتين شقيقيتن. خلدون الشايب، الذي يملك متجراً في نفس المنطقة قال لـ"الأخبار" إن "الطفلتين هما بنتا حارس البناء كانتا تلهوان على السطح الذي تقيم العائلة في غرفة متواضعة بنيت عليه".
القذيفة الخامسة التي أطلقت من الجزء المحتل من حي باب النصر في المدينة القديمة سقطت بالقرب من أحد فروع المصرف التجاري السوري، ولم تتسبب باستشهاد أحد لخلو الشارع من المارة.
لم يترك مسلحو حي بستان القصر الحفلة الدموية تنتهي دون بصمتهم، فأطلقوا بعد دقائق قذيفتين على شارع اسكندرون في حي الجميلية القريب من ساحة سعد الله الجابري، الذي لاذ به من فروا من منطقة سقوط القذائف الخمس الاولى. هذا الشارع معروف بمكتباته ومحال لوازم الطلبة والقرطاسية، إضافة إلى وجود عدة مدراس خاصة فيه. وأودت القذيفتان بحياة ثلاثة أشخاص، وأحالتا الشارع الشديد الازدحام ومحاله التجارية إلى ساحة للدماء والحطام والسيارات المحترقة. ولينتهي مشهد الموت بقذيفة سقطت في حي الإسماعيلية، جرحت اثني عشر شخصاً ممن فروا من شارع اسكندرون.
مصدر أمني قال لـ"الأخبار" إن طريقة القصف مدروسة زمنياً وجغرافياً بحيث تحدث هلعاً في منطقة لتسقط قذيفة لاحقة في المناطق الأبعد عنها قليلاً التي سيسلكها قسم كبير ممن يبتعدون عن المكان الاول.
مصدر في مديرية صحة حلب قال لـ"الأخبار" إن "عدد الشهداء وصل إلى 15 بينهم ثلاثة لم يتم التعرف على هوياتهم نتيجة تحول جثثهم إلى أشلاء. وبلغ عدد الجرحى 42 شخصاً تمت معالجتهم في مشفيي الرازي والجامعة، وبعضهم حالته حرجة جداً".