هل فُتِح الباب الرسمي المقفل بين باريس ودمشق؟ قد يكون استنتاج ذلك متسرعاً بعض الشيء، لكن ثمة ما يتغيّر في العاصمة الفرنسية حيال العلاقة مع الدولة السورية. أربعة نواب فرنسيين (من مجلسَي النواب والشيوخ) زاروا العاصمة السورية على مدى يومين، وتوّج ثلاثة منهم زيارتهم أمس بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد. رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون يبرّر ما قام به زملاؤه، ويبدي استعداده للخطوة ذاتها، فيما الرئيس السابق للاستخبارات الداخلية الفرنسية برنارد سكوارسيني يؤكد أن مواجهة «داعش» غير ممكنة من دون التنسيق مع دمشق.
زوار دمشق هم من اليسار واليمين والوسط. جاك ميار وجان بيار فيال من «الاتحاد من أجل حركة شعبية»، وفرنسوا زوكيتو من الوسط، كانوا في ضيافة الأسد أمس. أما زميلهم الرابع، جيرار بابت، فاكتفى باللقاءات الأخرى التي عقدوها مع رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام ووزير الخارجية وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد ومفتي سوريا أحمد بدرالدين حسون وبطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام وبطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي ورئيس الهلال الأحمر السوري عبد الرحمن العطار، إضافة إلى زيارتهم مدرسة فرنسية ومركزاً لإيواء النازحين. بابت، عضو حزب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، لم يرافق زملاءه للقاء الأسد. فهو ليس «رفيقاً حزبياً» لهولاند وحسب، بل هو صديق مقرّب منه. وبالتالي، تفسّر مصادر مقرّبة من النائب الفرنسي تمنّعه عن لقاء الأسد بالآتي: «منح هولاند صديقه الضوء الأخضر لزيارة دمشق، مشترطاً عليه عدم لقاء الأسد».
هذه اللقاءات لا تعني أن زوار العاصمة السورية باتوا مؤيدين للحكم فيها. فميار ردّ على سؤال طرحته عليه إذاعة «أر تي أل» أمس، قائلاً: «الرئيس السوري ليس بريئاً، وأوافقكم الرأي أن يديه ملطختان بالدماء، لكنه طرف في التسوية السياسية للحرب الأهلية». وفي بيروت، كرّر ميار الجزء الثاني من موقفه أمام من التقوه ليل أمس، إذ وجّه انتقاداً إلى السياسة الغربية والخليجية والتركية تجاه ما يجري في سوريا، مؤكداً أن «الأسد طرف في التسوية السياسية». وعبارة «طرف في التسوية السياسية» هي نقطة الخلاف الرئيسية حيال ما يجري في بلاد الشام، بين من يرى الأسد جزءاً من الحل، ومن لا يزال يطالب برحيله كالحكومة الفرنسية التي تمسّكت بالنأي بنفسها عن خطوة البرلمانيين الأربعة. لكن هؤلاء تلقوا جرعة دعم قوية من رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون الذي قال أمس لتلفزيون «أف أم بي تي في»: لقد كانوا على حق بالتوجه إلى سوريا. يجب الاستماع إلى جميع الفرقاء. ولو سنحت لي الفرصة بالذهاب إلى سوريا، لذهبت».
في المقابل، شدّد الأسد، بحسب مصادر الوفد الفرنسي، على أن الجيش السوري يحارب الإرهاب الذي يشكل خطراً على السلم في العالم، مبدياً استعداده للتعاون «مع الجميع في مجال مكافحة الإرهاب، شرط احترام السيادة السورية، وأن يكون التعاون الأمني مسبوقاً بعلاقات دبلوماسية» مع بلاده.

دي ميستورا إلى دمشق

على صعيد آخر، يصل المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا إلى بيروت اليوم، على أنّ يتوجه منها إلى سوريا لبدء لقاءاته مع المسؤولين السوريين الذين سيتابع معهم النقاش حول خطة تجميد القتال في مدينة حلب. وكان دي ميستورا قد التقى أمس في إسطنبول رئيس «الائتلاف» المعارض خالد خوجا الذي أكّد أنّ «أي مبادرة دولية أو إقليمية لا تنسجم مع مفهوم جنيف أو تحاول الالتفاف عليها لن يكتب لها النجاح». وأوضح خوجا للمبعوث الأممي أنّ «المبادرة يجب أن تهدف إلى وقف القتل، إضافة إلى وقف القصف، كذلك يجب أن تكون المبادرة في إطار حل شامل يضم جميع المناطق السورية».

(الأخبار)