بين «دبلوماسية الهواتف» والاجتماعات المتنقلة بين العواصم العربية والغربية، يُبثّ جوّ من التقدّم في المباحثات حول حلّ الأزمة السورية. تسريبات حول بنود حلّ روسي يجري «التصويت» عليه بين أروقة وزارات الخارجية، ولقاءات في فيينا وباريس، «رباعية» وموسّعة، تطغى على المشهد السياسي السوري. وجاء كلام الرئيس السوري بشار الأسد عن استعداده لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة كحلقة في سلسلة «السير نحو الحلّ»، لكن كلام الأسد (الذي نقله النائب الروسي ألكسندر يوشينكو خلال لقائه وفداً روسياً يوم الأحد الماضي)، وإن ارتبط «بموافقة الشعب السوري»، لا يعني أنّ الحسابات تسير وفق هذا الاتجاه.
وينقل أحد اعضاء الوفد لـ«الأخبار» أنّ الأسد كان «واضحاً في كلامه لنا أن كل من يحمل السلاح هو إرهابي والمعركة هي الآن لدحر الارهاب».
ويروي المسؤول الروسي أنّ بلاده «لا تركّز اهتمامها اليوم على الانتخابات... فهي أيضاً هدفها القضاء على الارهاب وتحرير الاراضي السورية، لتكون بلداً سيداً بمؤسساته وجيشه وشعب الواحد».
ويضيف أنّ الكلام عن «الجيش الحر» وغيره من منظمات مسلحة هو كلام دبلوماسي، «فأين هو هذا الجيش...؟ قولوا لنا من يترأسه، من مسؤوله؟»، مشيراً إلى أنّه رغم الاستعداد الروسي لسماع جميع وجهات النظر والاجتماع بالمعنيين بالأزمة السورية، «لكن السوريين لا يقبلون بأي كلام من هذا النوع، وهم يخوضون هذه الحرب».
ويلفت إلى «وجود معارضة وطنية عكس معارضة الفنادق» يمكن التوصّل معها إلى حلّ، عبر المفاوضات.
وعن «التفاؤل الدولي» وتكرار التصريحات والتسريبات عن «اقتراب الحل» أو «مشروع» حلّ، ينقل المسؤول الروسي أنّ الأسد أكّد أن أنقرة والرياض والدوحة تتصرف «كأعداء لدودين» للشعب السوري. ويضيف أنّه برأيه الشخصي: «فرنسا أيضاً تتصرّف كأن لديها ثأراً شخصياً مع دمشق، وهي تفضّل التحالف مع الخليج وأمواله».

فرنسا تتصرّف
كأن لديها ثأراً شخصياً مع دمشق

ويروي أنّ الأسد قدّر تقديراً عالياً أمامهم «مساهمة المقاومة اللبنانية في محاربة الارهابيين في سوريا»، وذكر مساندة طهران النوعية في هذا المجال.
ويلفت المسؤول الروسي، الذي زار لبنان أمس، إلى أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ظهر «نفاقه في افتتاح المسجد الكبير في موسكو؛ فهو لم يتجرّأ على ذكر اسم سوريا أمام الحاضرين»، وهو لا يزال يعاند أي قبول بالدولة السورية الحالية. وبعد تأكيده أنّه يجب أن تكون هناك علاقات جيدة وطبيعة بين أنقرة وموسكو، خاصة لما يربط البلدين من علاقة اقتصادية، أعاد التأكيد على أنّه في حال ثبت حصول المجموعات المسلحة على أسلحة مضادة للطائرات، إن كان عبر تركيا أو غيرها، فهذا سيكون «الدليل القاطع على أنهم الحلفاء الطبيعيون والموضوعيون للمسلحين»، و«روسيا لن تستطيع أن تتحمّل ذلك».
وفي إطار «موسم الحجّ» إلى دمشق، زار وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الرئيس الأسد أمس. وأكد بن علوي حرص سلطنة عمان على وحدة سوريا واستقرارها، مشيراً إلى أن بلاده «مستمرة في بذل كل مسعى ممكن للمساعدة في إيجاد حل ينهي الأزمة في سورية».
بدوره، عبّر الأسد «عن تقدير الشعب السوري لمواقف سلطنة عمان وترحيبه بالجهود الصادقة التي تبذلها لمساعدة السوريين في تحقيق تطلعاتهم بما يضع حداً لمعاناتهم من الإرهاب، ويحفظ سيادة البلاد ووحدة أراضيها»، مشدداً على أن القضاء على الإرهاب سيسهم في نجاح أي مسار سياسي في سوريا.
وعلمت «الأخبار» من مصادر سورية واسعة الاطلاع أنّ الزيارة متفق عليها منذ زيارة الوزير وليد المعلم لمسقط في السادس من آب الماضي.
وأضافت المصادر أن بن علوي لم يحمل أيّ مبادرة، والوفد العماني قادم ليسمع وجهة النظر السورية، وإعلان «استعداهم للقيام بأيّ دور إيجابي يحلّ الأزمة السورية».
وتابعت المصادر أنّ بن علوي زار سابقاً سبع عواصم عربية «واتفق معها على أنه يجب التحرك والعمل» لإيجاد حل في سوريا.
ونقلت المصادر أنّ الوزير العماني قال أمام مضيفه إنّ «العرب ظلموا سوريا... ويجب إصلاح الأمور... وهي اليوم أسهل وأخفّ من السابق».
بن علوي، لدى وصوله إلى مطار دمشق، نُقل إلى القصر الجمهوري حيث التقى الأسد في خلوة مغلقة، قبل أن يجتمع مع نظيره السوري وليد المعلم، ووفد من خارجية البلدين.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي، أمس، إنّ جولة جديدة من المباحثات الدبلوماسية قد تجرى عقب نهاية هذا الأسبوع، مقرّاً بأنه سيتعيّن في نهاية المطاف إشراك إيران في المحادثات بشأن انتقال سياسي في سوريا.