رياضة الفنون القتالية المختلطة هي ضيفة جديدة على الرياضة اللبنانية والعربية، لكن سرعة انتشارها عبر اعتناق فئة واسعة من الشبان لها، يبدو لافتاً، ما لفت الانظار اليها تماماً كما حصل على الصعيد العالمي حيث باتت سمعتها كبيرة، وتحوّلت الى عاملٍ جاذبٍ للرعاة والمعلنين بعدما تبعتها الجماهير وابدت جاهزيتها لدفع اي مبلغ من اجل متابعة ابرز نزالاتها.
الـ «Ultimate Fighting Championship» المعروفة بالـ «UFC»، هي أبعد المراحل التي يمكن ان يصل اليها «المقاتل» من خلال الـ «MMA»، فالأولى اخذت شعبية المصارعة الحرة التي انتشرت من الولايات المتحدة الاميركية الى العالم، وباتت الرياضة القتالية الاولى في العصر الحديث. كذلك، بات حلم اي معتنق للفنون القتالية المختلطة بلوغ عتبة الـ «UFC»، تماماً كما هو حلم اي لاعب كرة قدم اللعب في كأس العالم.
وبطبيعة الحال، قلّة تعرف ان كثيرين يتدربون على الـ «MMA» في لبنان، لكن في جولةٍ على صالات اللياقة البدنية في المناطق المختلفة، يمكنك ان تجد المدربين والشبان الذين يتدربون بقساوة، ومنهم من ينشط في رياضات اخرى، فهذه الرياضة اصلاً تجمع كل الفنون القتالية من كاراتيه، كونغ فو، تايكواندو، جودو، ملاكمة، جوجيتسو، إضافة الى المصارعة.
ولبنان يفتح الباب اليوم امام خلق تجمعات عربية للعبة، فكانت بطولة فينيكس الدولية أخيراً في قاعة نادي غزير، التي جمعت لاعبين ولاعبات من لبنان وسوريا ومصر.
لبنان يفتح الباب
اليوم امام خلق تجمعات عربية للعبة



وبالتأكيد يمكن للبنان ان يأخذ دوراً ريادياً في المنطقة لكونه والاردن الاكثر تنظيماً على هذا الصعيد، وهذا ما اشار اليه رئيس الاتحاد اللبناني هلال نشار بقوله: «لبنان كان اول من نظّم منافسات ودورات تدريبية في المنطقة، وهذا الامر انعكس ايجاباً على نزالات اللبنانيين في الخارج حيث حققوا نتائج طيبة، لكن الامر الوحيد الذي يعيقنا هو الاوضاع العامة التي تعيشها البلاد، والتي لا تسمح للدولة بدعم هذه الرياضة». واضاف: «هناك مستقبل واعد وكبير لهذه الرياضة في لبنان، ونحن سنواكب هذا الامر عبر استقدام مدربين من الخارج وصقل المواهب الموجودة».
ومن خلال ما شهدته البطولة المذكورة كان يمكن استقصاء ما يفكر فيه هؤلاء الشبان، اذ بنظر الكثيرين ليس منطقياً ان يقدموا الى رياضة يتعرضون فيها للأذى حيث لا يبدو ان هناك وجوداً لأي قوانين، بل ان الدماء سالت على الحلبة مرات عدة خلال النزالات. وهذه المسألة يسقطها رئيس لجنة جبل لبنان في الاتحاد دوري حداد، الذي رأى ان «فزع الناس هو من القفص، وهذا امر غير حقيقي لان هذه الرياضة لا تشجع على العنف، وهي تأخذ بعين الاعتبار سلامة المشاركين فيها، والدليل ان اصحاب الخبرة فقط هم ممن يسمح لهم بالتنافس على حلباتها».
لكن الجولة على اولئك المقاتلين تعكس آراء اخرى، اذ اجمع بعضهم على الحالة الفريدة التي تميّز الـ «MMA»، وهي التي دفعتهم اليها. والكلام هنا عن اسقاط هذه الرياضة لقوانين تحدّ عادة من اندفاعهم في رياضات اخرى وتحرمهم تقديم كل ما يختزنون. وطبعاً القساوة التي تبدو على اولئك الذين يظهرون كأنهم مستعدون لقتل خصمهم، تأتي من خلال الارادة والتركيز العاليين في التمارين القاسية والمباريات، وهذا ما اشار اليه يوسف غريري، الذي اكد اهمية قوة القلب «وهو سمة المقاتلين اللبنانيين، وبالتالي إذا ذهبنا الى مراعاة نظامنا الغذائي بطريقةٍ محترفة، وتفرغنا للتمارين، فاننا من دون شك سنخرّج ابطالاً كثر، وخصوصاً ان الـ «MMA» تجتذب اليوم العديد من نجوم الالعاب القتالية الاخرى».
الـ «MMA» لا تحوز اهتمام الشبان فقط، اذ باتت مباريات السيدات تستقطب جمهوراً ايضاً، ولو ان هذه الرياضة تمت الى النعومة بصلّة، لكن اللبنانية راشيل ابي عبدالله اوضحت باختصار: «ليس هناك اي فنون قتالية انعم بالنسبة الى الفتاة، لكنني افضل الـ «MMA» لانها تجمع كل الفنون معاً، وبالتالي فان من يجمع كل هذه الفنون ويبرع فيها، يمكن اعتباره مقاتلاً متكاملاً».
اذاً عالمٌ آخر تجمعه الرياضة، لكن هذه المرة من خلال رياضة قد يخرج المندفع اليها في نهاية المطاف بطلاً أو معطوباً.
باختصار الـ «MMA» تترك لنا تلك العبارة المحذرة الشائعة: «Don›t do it at home».