سقطت الهواجس مؤقتاً مع توزيع الاتحاد اللبناني لكرة السلة برنامج بطولة لبنان. تأكّد الكل في هذه اللحظة أن البطولة قائمة في موعدها الذي حُدّد يوم الجمعة المقبل بعد تأجيل في موعدٍ سابق.بطولة منتظرة، لكن سلّة من الهواجس لا تزال تدور في الأفق عشية انطلاقها، وهي لا ترتبط بالشق الفني أو حالة المنافسة أو وضع الفرق وشكلها، بل بالجانب التنظيمي – الإداري، الذي بلا شك يعدّ عنصراً أساسياً لإنجاح البطولة من دون أي نقصٍ في المشهد العام.

العودة الى الموسم الماضي، تعيد معها هواجس عدة، إذ صحيح أن مستوى المباريات كان مرتفعاً بوجود فرقٍ عدة قوية كانت قادرة على عرقلة الثنائي الرياضي والحكمة، لكن مشهد سلسلة المباريات النهائية، لم يأتِ تتويجاً لموسمٍ وفى بكل الوعود على أرض الملعب. الحادثة الشهيرة في قاعة نادي غزير ليلة هجوم بعض مشجعي الحكمة على اسماعيل احمد، شوّهت البطولة برمّتها، وأقله المشهد الأخير في ليلة تتويج الرياضي بطلاًً أمام مدرجات فارغة.
اليوم، يبرز الهاجس الذي لا يُسقط تكرار المشهد مرة أخرى. هاجس تعطُّل البطولة بمكانٍ ما بسبب ما يمكن اعتباره أخطاء إدارية في التنظيم، يتحمّل مسؤولية تذويبها بالدرجة الأولى الاتحاد اللبناني للعبة. وهذا الأمر برز في ما سمّي سلسلة «النهائي الحلم»، حيث جلس مشجعون على أطراف أرض الملعب، وهو أمر غير مسموح، تماماً كما لا يبدو مسموحاً أن تكون قاعة صائب سلام الخاصة بالنادي الرياضي تتسع لحوالى 1200 متفرج، وتفتح أبوابها لأكثر من 1500 مشجع. وهذه المسألة تنسحب على قاعة غزير أيضاً، حيث ضاقت المدرجات في أحيانٍ كثيرة بألف مشجع أضيفوا الى الـ 3000 الذين يمكن أن تحتضنهم القاعة من دون مشكلة. كل هذا في وقتٍ بحث فيه الصحافيون في كل ملعبٍ عن مكانٍ لهم للقيام بعملهم بعدما احتل المشجعون كراسيهم وطاولاتهم من دون أي حسيب أو رقيب.
هي أخطاء قد تكون بسيطة، لكن تأثيرها السلبي لا يمكن حصره، والدليل النهاية الفاشلة لبطولة الموسم الماضي، وهو الهاجس الذي يطارد محبي اللعبة مع توقّعهم منافسة محتدمة أكثر من أي وقتٍ مضى بين الرياضي والحكمة أكثر من غيرهما، وذلك استناداً الى الاستقرار الذي عاشاه قبل انطلاق الموسم الجديد.
وصحيح أن هاجس «البرنامج» سقط، لكن بشكلٍ نسبي، على اعتبار أنه يتوقّع أن يتبدّل عشرات المرات في الفترة المقبلة، كما درجت العادة، وهذا أمر يتوجّس منه المدربون، وخصوصاً أولئك الذين وضعوا برامجهم التدريبية وفق طريقة علمية ترتبط بالموسم بشكلٍ عام، لا بكل مرحلة على حدة.
هواجس الأندية لا تنتهي هنا، أي في الشق الفني، إذ إن للإداريين هاجسهم أيضاً، وسط شعور البعض بتباعد بينهم وبين الاتحاد، وهو شعور يفترض محوه بخطواتٍ اتحادية تمحو كل تلك الهواجس عبر التصرف بحكمة مع قراراتٍ اتخذت سابقاً أو ستتخذ لاحقاً، وذلك بهدف كسب الأندية وجماهيرها لا خسارتهم لأسبابٍ يمكن تفاديها.
هاجسٌ وطني يبرز أيضاً، ويتمحور حول الخوف من مواصلة البعض التمسّك بفكرة أن نجاح بطولة لبنان هو الهدف الأسمى، بينما الواقع يقول إن هذه البطولة يفترض أن تكون في خدمة المنتخب الوطني لا العكس، وخصوصاً أن هذا المنتخب مدعو لخوض تصفيات دورة الألعاب الأولمبية 2016.
الأساس اليوم هو الاستفادة من بطولة لبنان لفرز منتخب قوي، ولعكس صورة حضارية تجمع اللبنانيين على لعبة كانت يوماً واجهة الرياضة اللبنانية. لعبةٌ غير مقبول أن تكون سبباً في إدخال البلاد كلها في أزمة بسبب أخطاء يعرفها مرتكبوها، لكن العبرة في تفاديها وعدم تكرارها، وستكون في الخواتيم ومحاسبة المخطئين أيضاً.