لا تكتمل زيارة راشيا الوادي من دون المرور على «شجرة النذور المباركة» أو شجرة «الشيخ الفاضل» كما يسمّيها أبناء المنطقة. هي شجرة سنديان معمّرة، يتجاوز عمرها الثمانمئة عام. موجودة على الطريق المؤدية إلى راشيا، وتحمل أغصانها عشرات القطع من الأقمشة والمناديل. يتوقف قربها معظم المارّة، من دون أن يكونوا راغبين في التفيؤ بظلالها كما كانت الحال في القرون السابقة. ما يقصدونه هو الحصول على بركة الشيخ الذي التصق اسمه باسمها: الشيخ محمد أبو هلال (1577 ـ 1640). ومنهم من يقول إن قدسيتها تعود إلى جلوس العديد من الأولياء الصالحين تحتها، حيث كانوا يتعبدون.
يصعب العثور على رواية صحيحة لقصة هذه الشجرة، لكن ما يتداوله الأهالي يفيد بأن الشيخ الفاضل (ابن بلدة كوكبا) كان ذائع الصيت في زمانه. ويحتل مكانة مميزة بين أبناء منطقته.

عمل في بداياته في رعي الماعز، وكان يتفيأ تحت شجرة السنديان هذه في طريقه إلى كوكبا.
ومع مرور السنوات، لاحظ أبناء المنطقة أن الشجرة لم تتعرض لأي ضرر على الرغم من مرور الكثير من الأحداث التي كان يمكنها القضاء عليها. ومنهم من يذكر أن قطيعاً من الماعز أكل من أوراقها مرة، فنفق. لذا صار الأهالي يقصدونها، يتركون آثاراً لهم على أغصانها، قبل أن يضمروا تحقيق الأمنيات التي يطلبونها. ومن الروايات التي يتداولها الأهالي، قصة مختلفة لتسمية جبل الشيخ. ففي حين يعرف معظم اللبنانيين أن هذا الاسم الذي يحمله جبل حرمون، المطلّ على راشيا مرتبط بالثلج الأبيض الذي يكلّله على مدار السنة. يقول رئيس محترف راشيا الوادي شوقي دلال إن الأمير فخر الدين قد يكون أطلق هذا الاسم على الجبل تيمناً بالشيخ الذي اعتصم في كهوفه متفرّغاً للعبادة. لكنها تبقى رواية، غير مثبتة تاريخياً.
في البلدة، نجد من يعترف بقداسة الشجرة وإقبال الكثيرين على التبرّك بها وطلب الأمنيات في فيئها. وهو أمر توارثه الأولاد عن الآباء عن الأجداد، على قاعدة «آمن بالحجر تبرأ»، لكنهم لا يذكرون أن عجائب تحققت بفضل هذه النذور.