لا نعرف إن كان هناك شعب آخر في العالم يتعامل مع عيد الاستقلال كما يتعامل معه الكثير من اللبنانيين. يكاد الكلّ يجمع على أننا لم نكن لنحصل على الاستقلال لولا العداء البريطاني ـ الفرنسي، ولهذا لم يكن ناجزاً في حينه، ولا على مرّ العقود السبعة التي تلته. فكيف بنا اليوم، ونحن نعيش مفترقاً خطيراً في تاريخ منطقتنا؟
ربما، كما قال أحد أهالي راشيا الوادي، علينا أن نتمسك بهذا العيد اليوم أكثر من أي وقت سبق. فنستعيد أياماً تاريخية عاشها اللبنانيون بصدق، وكان الاستقلال حقيقة بالنسبة إليهم، أقلّه في الشكل. ولهذا هناك قلعة في راشيا، سُجن فيها رجالات الاستقلال. وهناك أيضاً «بيت الاستقلال» في بشامون، حيث ضاع الأثر، لكن بنادق «الافرنجة» لا تزال معلّقة. هناك استشهد سعيد فخر الدين «الشهيد الوحيد» الذي نعرف له اسماً، فيما سقط العشرات المجهولون بنيران الفرنسيين في التظاهرات التي عمّت لبنان. واستمروا يسقطون شهورا طويلة، فعرفنا منهم حسن عبد الساتر، شهيد «البوليس» اللبناني، الذي رفع العلم على السارية، وسقط هو بعيداً عن مذكرات أبطال العيد.
(بلدي)