في ظل تنامي خطاب الكراهية على أشكاله في الإعلام اللبناني، لا سيّما الديني منه، ومع مساهمة المؤسسات الإعلامية بصنع هذا الخطاب وتغذيته، تبرز تحديّات جمّة للجسم الصحافي في ما يخص كيفية مواجهة هذا الخطاب والحدّ منه. وذلك في محاولة لإيجاد طرق عملانية تضع تطبيق المبادئ العامة ومحاربة خطاب الكراهية ضمن أولوّياتها. من هنا، كان تنظيم ورشة عمل تقيمها جمعية «مهارات» بالتعاون مع «مركز الصحافة النرويجية» و«شبكة الأخلاقيات الإعلامية» الأسبوع المقبل (بين 12 و14 تشرين الثاني /نوفمبر).
الورشة التي تمتد على ثلاثة أيام في أحد الفنادق البيروتية، تحمل عنوان «الإعلام وخطاب الكراهية في المنطقة العربية: تجارب وخبرات»، بمشاركة شخصيات من لبنان، والمغرب، واليمن، والبحرين، وسوريا، والأردن، ومصر، إضافة إلى باكستان، والنروج، كما سيكون لجنوب أفريقيا حصّة أيضاً.
هدف الورشة كما تشرح المديرة التنفيذية لـ«مهارات» رولا مخايل لـ«الأخبار»، هو «تبادل الخبرات المهنية بين الأطراف المشاركة التي تعمل في القطاع الإعلامي في ما يخص الحدّ من استخدام خطاب الكراهية في الميدان وداخل مكاتب التحرير، مع إضاءة على المعايير المطبّقة في المؤسسات الإعلامية بهذا الخصوص، والرقابة الذاتية التي تمارسها وسط ضغط المنافسة والتدخلات السياسية التي تحصل في غرف التحرير». وتضيف أنّه «بالطبع النموذج اللبناني سيحضر بقوّة مع وجود منابر حاضنة لهذا الخطاب والسؤال عن مواجهة الصحافيين له لا سيّما الخطاب الديني المتصاعد الذي سبقنا بأشواط. الجميع انخرط فيه عن قصد أو غير قصد».
وبرأي مخايل، تبرز إشكالية هنا خصوصاً مع قضية العسكريين المخطوفين. ففي حال امتنعت وسائل إعلامية محلية عن بث الأشرطة العنيفة والدموية لهؤلاء، فسنجد أنّ قنوات عربية تقوم بهذا الأمر وتروّج له، فتتوسع دائرة التحديات حينئذ.
تشدد مخايل أيضاً على إيلاء مؤسسات دولية وإقليمية أهمية لمحاربة استخدام خطاب الكراهية في الإعلام، منها «المفوضية العليا لحقوق الإنسان» التي وضعت خطة عمل في الرباط عام 2012 ترنو إلى رفض الخطاب العنصري والتحريضي. كما برزت «الحملة العالمية لشبكة الأخلاقيات الصحافية ضد خطاب الكراهية» التي شاركت فيها بلدان عدّة، وقد تم على أساس المشاركين فيها اختيار الصحافيين لنقل تجاربهم في الورشة المرتقبة.
طبعاً، لا تبدو محاربة خطابات الكراهية سهلة، علماً بأنّ الخطاب الديني والمذهبي يشكّل جزءاً منها. لكن هناك أنواع أخرى تمارس على الشاشات وفي الصحف وعلى النيوميديا، أبرزها الخطاب الجندري التمييزي ضد المرأة. المناهضة لخطاب العنف والكراهية يلزمه كما تؤكد مخايل «أخذ مجموعة تدابير عقلانية توصل المعلومات من دون الوقوع في الترويج لهذا الخطاب، وإلى جانبها تطوير للسياسات التحريرية وإدارة الضغوط السياسية».
على برنامج الورشة تبرز محاور عدّة تدشنها مخايل (12/11 س:14:00) بالحديث عن «الإعلام في زمن داعش: إعلام أم ترويج؟». «التضامن الدولي في مواجهة خطاب الكراهية» سيتناوله مدير المشاريع في «مركز الصحافة النرويجي» فرود ركيه (13/11 س:9:00). وللتجربة اللبنانية حصّتها مع إشكاليات عدّة أبرزها: من يحدد معايير الأخلاقيات الإعلامية ومدى فعالية مدونة السلوك؟ مع مديرة «ميديا أنليميتيد» ماجدة أبو فاضل (13/11 س:11:00)، وعن الرصد الإعلامي كأداة قياس للإعلام مع مدير وحدة الرصد الإعلامي في «مهارات» طوني مخايل. وهناك إضاءة على دور كليات الإعلام مع عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية جورج صدقة، قبل أن يتناول الزميل بيار أبي صعب الجانب العملي، وبعده مديرة العمليات في lbci لارا زلعوم للتطرّق إلى تحديات غرف التحرير أثناء العمل الميداني.