بقي بائع الأقمشة يجول بين الضيع المحيطة بعاليه حتى بعد حرب الـ 1967، الحرب التي يتذكرها العرب بذكرى «النكسة». وبقيت ابنته سيرينا تعلم أطفال الجبل الرياضيات حتى بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975،  وحتى الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. توفي نسيب اليهودي، قبل اندلاع الحرب الأهلية، لكن ابنته سيرينا اختارت أن تبقى في منزل عائلتها في الساحة الرئيسية، رغم تقدمها في السن.
لا أحد يعلم متى قررت سيرينا الرحيل من لبنان والى أين، لكن يقول أحد السكان أن هذا حدث «بين ليلة وضحاها في التسعينيات». غادرت بخفي حنين، غادرت معلمة الرياضيات بلا صخب. لحقت بمعظم يهود لبنان الذين قد نزحوا قبل الـ1975.يعتقدون في عاليه أن سيرينا غادرت الى تل أبيب «لكي تضمن دفنها على الطريقة اليهودية»، وثمة من سمع كلاماً من بعيد، يفيد بأنها انضمت إلى أفراد عائلتها في «الغرب». في الواقع، عائلة نسيب هي من العائلات اليهودية التي سكنت في جبل لبنان. وفي جولةٍ بذاكرة كبار المنطقة، يتضح أن العائلات اليهودية كانت كغيرها من العائلات اللبنانية، مندمجة في المجتمع، ويحسب لها حساب فيه. كانت تمارس طقوسها الدينية وعاداتها بحريّة أيضاً، وهكذا كان العقد الاجتماعي.في أحد الشوارع الضيقة المتفرعة من ساحة عاليه الرئيسية، يقع الكنيس الذي شيد عندما أصبحت عاليه والمناطق المجاورة مركز اصطياف رئيسياً ليهود بيروت. كغيره من المباني وأماكن العبادة، شهد هذا الكنيس، المعروف بكنيس عاليه، معارك كثيرة في الحرب الأهلية. دمر سقفه وداخله أيضاً. وحتى الآن لم تسجل أي محاولة من قبل الدولة اللبنانية لترميم هذا الكنيس وإعادة فتحه، نظراً إلى «عدم وجود ميزانيّة»، بحسب ما قال لنا مصدر في بلدية عاليه، وذلك عكس ما حصل في وادي أبو جميل في بيروت حيث رمم كنيس ماغام ابراهام، على أفضل نحو.