تشييد حلبة لسباقات السرعة في لبنان ليست بالفكرة الجدية، فقد عاش اللبنانيون في فترةٍ ما حلم استضافة إحدى مراحل بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا 1، عندما طلب الرئيس الشهيد رفيق الحريري رسم «حلبة شوارع» في العاصمة اللبنانية يمكنها ان تحتضن الحدث العالمي. الا ان الاحداث السياسية ثم الامنية التي تلت، صرفت الانظار عن الفكرة، وابتعد بالتأكيد من كان يريد مخاطبة الاتحاد الدولي للسيارات «فيا» بهذا الشأن، على اعتبار أنه كان هناك استحالة لطرحٍ من هذا النوع...
من هنا، ذهب كثيرون الى التفكير في مشاريع فردية لانشاء حلبة في لبنان، ولو انها لم تكن لتكون قريبة من المعايير التي تسمح باستضافة سباقات الفئة الاولى وما يوازيها. وكان بطل الراليات السابق سمير غانم اول من طرح الفكرة لانشاء حلبة في منطقة فالوغا التي يرأس بلديتها. الا انه سرعان ما تراجع لاسباب مختلفة رغم ان قطعة الارض كانت مؤمنة لبدء العمل في المشروع.
لكن هذا المشروع ظهر في منطقة اخرى وتحديداً في المتَين حيث اكتمل المشهد المثالي الذي خلقته الطبيعة الخلابة عندما ابصرت حلبة «رايسينغ بارك المتَين» (RPM) النور على مساحة 80 الف متر مربع، ضمن مشروع متكامل يضم مرافق عدة، تجعل من هذه الحلبة مركزاً لاستقطاب كل محبي رياضة السيارات من مختلف الاعمار.
اكتمل المشهد المثالي الذي خلقته الطبيعة الخلابة في المتين بحلبة للسباقات


ويختصر رئيس مجلس ادارة «رايسينغ بارك متين»، بطل لبنان السابق في الكارتينغ، رافي ايتيميزيان، المشروع بأنه حلم تحوّل الى حقيقة، مشيراً الى اهميته بالنسبة الى لبنان ومنطقة الشرق الاوسط عموماً إن كان على الصعيد الإنمائي او الرياضي.
ويقول ايتيميزيان: «لم يكن سهلاً ابداً اتخاذ القرار بالشروع في العمل على مشروعٍ ضخم من هذا النوع، لكننا ادركنا منذ البداية ان محبي السباقات يبحثون عن مساحةٍ خاصة بهم، ولم يكن هناك افضل من هذه الحلبة لجمعهم حيث تفاجأنا بالاقبال الكثيف منذ اليوم الاول للافتتاح».
وبالفعل، الزائر لحلبة المتين التي تبعد 2 كلم عن دوار المروج، يفاجأ بالتواجد اللافت للقادمين لقيادة سيارات الكارتينغ حتى تحت اشعة الشمس الحارقة. واللافت ان الامر لا يقتصر على الشبان المتحمسين فقط، بل هناك عائلات بأكملها تصل لاختبار هذه التجربة، ما يعكس وجود ثقافة رياضية ميكانيكية لدى قسمٍ من اللبنانيين بعكس ما يعتقد البعض ان الالعاب الجماعية مثل كرة القدم وكرة السلة هي التي تحوز الاهتمام الاكبر.
ويوافق ايتيميزيان على هذه النقطة ويضيف اليها شارحاً بأن الحلبة هي مشروع متكامل «فقد خصصنا حديقة مساحتها 5 آلاف م حيث يمكن للراغبين بالتفرّج فقط دون القيادة ايجاد مكانٍ لهم من اجل قضاء وقتٍ ممتع، اضافةً الى توجهنا نحو انشاء مطاعم يمكنها ان تكون جاهزة لاستضافة المناسبات ايضاً. كذلك هناك ملعب لكرة القدم المصغّرة لتعزيز النشاط الرياضي لدينا».
ورشة العمل التي كلّفت حتى الآن 5 ملايين دولار منذ بدء العمل بها قبل عامين، لا تزال مستمرة، ففكرة القيّمين على الحلبة التي يبلغ طولها الاجمالي 1280 م، قد تصبح معلماً سياحياً تجذب الزوار العرب والاجانب ايضاً، تتمحور حول تحويلها الى مقر لكل ما يختص بعالم السيارات عموماً، وهذا ما ظهر اخيراً من خلال ذهاب العديد من شركات السيارات والدراجات الى اطلاق طرازاتها الجديدة من حلبة المتَين تحديداً. كذلك، يُنتظر ان يكتمل العمل في انشاء مكاتب وصالات يمكن الاستفادة منها ضمن اطار المشروع الرياضي.
وفي موازاة مراعاة المعايير الدولية والحرص الواضح على سلامة الزائرين خلال قيادتهم للسيارات على الحلبة، وذلك عبر انتشار المراقبين على المنعطفات والاماكن المختلفة حاملين الاعلام وموجّهين الصغار والكبار، يبدو لافتاً استقدام سيارات «CRG» العالمية الخاصة بالكارتينغ حيث يوجد نحو 100 سيارة منها، بعضها للايجار والبعض الآخر للمنافسات ضمن الفئات المختلفة. كذلك، ذهب البعض الى شراء سيارته الخاصة على غرار ما فعل السائق في بطولة الفورمولا رينو وسباقات «جي تي» شاهان سركيسيان الذي اشترى سيارة موقّعة من قبل بطل العالم للفورمولا 1 البريطاني لويس هاميلتون (سعرها 12 الف دولار)، ما يعكس جديّة في ممارسة هذه الرياضة المنتشرة بوفرة في العالم بالنظر الى انها غير مكلفة وممتعة في آنٍ معاً.
وعجقة الصغار الموجودين على الحلبة تأخذنا الى السؤال عن سبب وجود هؤلاء، فيأتيك الجواب من السائق السابق في بطولة فورمولا رينو وبطل «فورمولا غولف» وسباقات ماسيراتي، جو غانم، الذي يوضح: «واحدة من اساسيات المشروع هي تخريج جيلٍ جديد يمكنه الوصول الى العالمية في السباقات الاحادية المقعد، لذا والى جانب الحلبة الام هناك حلبة «جونيور» واخرى تحت تسمية «بايبي تراك»».
ويضيف غانم الذي يقوم بدور المدرب ضمن اكاديمية أُنشئت خصيصاً لتعليم الصغار اصول القيادة: «هناك سيارات خاصة بالاعمار المختلفة، وانا اهتم تحديداً بتلقين هؤلاء الصغار تقنيات القيادة لتكون انطلاقتهم نحو عالم السباقات صحيحة». ويتابع: «كلنا نعلم ان ابطال العالم تخرّجوا من الكارتينغ اولاً، فهي ليست مجرد وسيلة للتسلية كما يعتقد البعض، وهذا الامر بدأ يلمسه الاهالي الذين تخلّوا عن الخوف وهم يشجعون اولادهم على السير قدماً في مسيرة قد تعود عليهم بالملايين مستقبلاً في حال وصلوا الى القمة اي التسابق في الفورمولا 1».




5 آلاف متر

هي مساحة الحديقة المخصصة للمتفرجين على السباقات او لقضاء وقتٍ ممتع، علماً انه الى جانب هذه الحديقة هناك مطاعم للزوار وملعب لكرة القدم المصغّرة




80 الف متر

هي المساحة التي شيّد عليها مشروع حلبة «رايسينغ بارك المتَين» الذي يضم مرافق عدة، تجعل من هذه الحلبة مركزاً لاستقطاب كل محبي رياضة السيارات من مختلف الاعمار




5 ملايين دولار

هي كلفة ورشة العمل حتى الآن منذ بدء العمل بها قبل عامين. هذه الورشة لا تزال مستمرة، ففكرة القيّمين على الحلبة التي يبلغ طولها الاجمالي 1280 م، هي تحويلها معلماً سياحياً لجذب الزوار العرب والاجانب



100 سيارة

جرى استقدام سيارات من نوع «CRG» العالمية الخاصة بالكارتينغ، بعضها للايجار والبعض الآخر للمنافسات ضمن الفئات المختلفة، حيث برز تأسيس اكاديمية لتلقين الصغار اصول
القيادة وتقنياتها