شهران وتنتهي مدة مشروع ترميم قلعة الشقيف الذي انطلق قبل أربع سنوات، بإشراف من وزارة الثقافة ومجلس الإنماء والإعمار وتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية. ممثل الصندوق نواف الدبوس تفقد الأسبوع الفائت المرحلة النهائية من أعمال التأهيل والترميم في القلعة الواقعة فوق أعلى تلال بلدة أرنون الشقيف، ورأى أن المشروع «أظهر مقومات القلعة التي كانت مدفونة تحت الأنقاض، وبات بإمكان من يرغب التمتع بزيارتها من خلال الممرات الآمنة التي استحدثت وقاعة العرض وإنارة القلعة ومحيطها بالطاقة الشمسية».
القلعة التي تحرّرت عام 2000 من الاحتلال، ولكن ليس من الإهمال والتخريب. تأخرت الدولة في ترميمها، وقصفتها «اسرائيل» في عدوان تموز 2006 بعدما كانت قد ردمت الخندق الأثري المحيط بها وأخفت معالمه بالإسمنت المسلّح وبنت الدشم العسكرية فوقه. لكن مشروع إعادة الترميم، عبر خبراء وأثريين لبنانيين، استطاع بعد الحفر والتنقيب، تحديد معالم القلعة واكتشاف بعض القطع الأثرية والأسلحة والذخائر القديمة المرتبطة بها. لكن ماذا بعد؟ هل تسهم الثلاثة ملايين دولار التي أنفقت على المشروع، من قبل كلّ من وزارة الثقافة والصندوق الكويتي، في تنمية محيط القلعة أم ستذوب في حجرها فقط؟
في أرنون الشقيف التي تقع القلعة في نطاقها العقاري والتي ارتبط اسمها بها، يحتفظ السكان بذكريات من الماضي. قبل عقود، كانت سوقاً تجارية لبعض أبناء البلدة ومحيطها ويقصدها أهالي المنطقة. وكان فيها بئر ماء يُقصد من النبطية وجوارها، لتعبئة مياهه في الجرار ونقلها إلى القرى. في ذلك الوقت، وحتى الاجتياح الإسرائيلي الأول في عام 1978، كان جزء من مساحة البلدة يقع ضمن ثكنة للجيش اللبناني، ما ساهم في بث مزيد من الحركة في المنطقة. الذكريات متنوعة من تجارية إلى ملتقى لأهل المنطقة، قبل أن ترتبط الذكريات بالشهادة والانتصارات بعدما اتخذها المقاومون ضد الاحتلال الإسرائيلي موقعاً لهم. وبعد اجتياح عام 1982، اتخذها العدو موقعاً عسكرياً يقصف منه قرى النبطية.
يعتزّ جيران القلعة بأنهم باتوا مقصداً محلياً ودولياً بعيد تحرير الجنوب. فقد تحوّلت إلى محطة ثابتة ضمن جولة الوفود والسياح. باحتها الخارجية شهدت مهرجانات فنية ووطنية وحزبية. بعض التجار استثمروا الإقبال على القلعة، فافتتحوا مطاعم ومنتجعات سياحية وصالات أعراس في الطريق المؤدية إليها، تجذب الزبائن بسبب الموقع الجغرافي المرتفع والمشرف. ظن المستثمرون أنهم سينافسون القلعة على الزوار، ليتبين لهم أن الإرث التراثي والثقافي لا يستطيع منافسة اللقمة الطيبة والسهرات الترفيهية.
لكن هل يكفي أن تكون القلعة مدرجة على لائحة المواقع الأثرية اللبنانية لتحظى بالاهتمام؟ أو أن تحفظ وزارة الثقافة حقها بها من خلال لافتة تدلّ على المفرق المؤدي إليها؟ هل سيشمل الترميم دعماً إعلامياً وإعلانياً في الترويج لها فلا تضيع أربع سنوات من العمل والتعب سدى؟ مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي، أكد أنه وبحسب القانون اللبناني، ستقوم وزارة السياحة بحملة الترويج محلياً وخارج لبنان ضمن الحملة التي تشمل جميع المواقع الأثرية، وإن لفت إلى التأثير السلبي للوضع الأمني غير المستقر في الجنوب.