عام 1992 لم تكن عائدات النقل التلفزيوني المحلية للدوري الانكليزي الممتاز تتجاوز مبلغاً يصل الى 51 مليون جنيه استرليني، لكن هذه العقود التي يتم تجديدها كل ثلاث سنوات ستبلغ قيمتها 5.136 مليارات جنيه استرليني في السنوات الثلاث المقبلة، ما يعني ارتفاعاً تصل نسبته إلى حوالى 71% عن آخر العقود الموقّعة في عام 2013 والتي كانت قيمتها 3.018 مليارات جنيه. كذلك فإن عقود النقل التلفزيوني الخارجية ستسجل ارتفاعاً نسبته 67% لتصل إلى حوالى 2.90 مليون جنيه.
هذا الارتفاع الضخم في قيمة العقود يعود من جهة إلى المتعة التي يقدمها «البريميير ليغ» إلى الجمهور الكبير الذي يتابعه وإلى المنافسة الكبيرة بين القنوات التلفزيونية للحصول على حقوق النقل، فكانت على خط الصراع كل من قنوات «يورو سبورت» المدعومة من شركتها الأم الجديدة «ديسكوفري» و»بي إن سبورتس» القطرية، لكن الفوز كان للمرة الثانية على التوالي من نصيب «سكاي سبورتس» و»بي تي سبورت»، وقد حصلت «سكاي» على حقوق نقل 126 مباراة مباشرة على الهواء مقابل 4.2 مليارات جنيه (بزيادة بلغت نسبتها 83% عن العقد السابق)، بينما اكتفت «بي تي سبورت» بنقل 42 مباراة مباشرة مقابل 960 مليون جنيه (بزيادة 30% عن العقد السابق).
أما قناة «بي بي سي» فقد اكتفت بالحق الحصري لأبرز لقطات مباراة الأسبوع، وذلك مقابل 204 مليون جنيه، بينما شملت حقوق القنوات البريطانية المحلية مبلغ 150 مليون جنيه.

عائدات كارديف أكبر من بايرن!

هذه العائدات التي ستجعل من فرق «البريميير ليغ» الأغنى أوروبياً سيتم توزيعها على ثلاثة أجزاء: 50% ستوزع بشكل متساوٍ بين الفرق العشرين في دوري الدرجة الممتازة، و25% منها سيتم توزيعها وفق الجدول النهائي للترتيب، فيما ستوزع الـ 25% المتبقية وفق المباريات المنقولة مباشرةً لكل فريق. وستزداد الأرباح التي ستحصل عليها الفرق بشكلٍ كبير، اذ ان نادي ليفربول حاز أكبر عائد في العام الأول من العقد الماضي وهو 98 مليون جنيه استرليني في موسم 2013-2014، علماً بأن سياسة التوزيع هذه ليست مبنية على الأساس الجماهيري المشاهدة، بل على أساس إقامة التوازن بين فرق الدوري، وهو أمر ينعكس إيجاباً على المستوى العام للدوري الإنكليزي على اعتبار ان القدرة الشرائية لكل الفرق ستكون مقبولة، وبالتالي فإن هذا الأمر يعدّ تسويقاً غير مباشر للمباريات التي تكون بغالبيتها الساحقة مليئة بالمتعة والإثارة والمفاجآت بعكس ما يحصل تماماً في الدوري الإيطالي إذا أردنا إجراء مقارنة على هذا الصعيد.
ويعتبر أسلوب توزيع العائدات في الدوري الإنكليزي الأكثر عدلاً في أوروبا بين فرق المقدمة والقاع، حيث كان الفارق بينها حوالى 36 مليون جنيه في الموسم الماضي، إلا أنه سيرتفع إلى حوالى 60 مليون جنيه بعد العقد الجديد.

تخطّت عقود الدوري الإنكليزي نظيرتها الخاصة بالـ«أن بي آي»
أما في الدوري الإسباني، فإن هذا الفارق يلامس 7.8 ملايين بحيث حصل ريال مدريد وبرشلونة على 112 مليون جنيه استرليني، فيما لم يتجاوز ما حصل عليه صاحب المركز الأخير الميريا 14 مليون جنيه استرليني. كذلك هي الحال في الدوري الإيطالي حيث بلغ فارق نسبة الإيرادات 5.4 ملايين بين يوفنتوس وساسولو. ويعتبر الدوري الألماني ثانية بطولات الدوري الأكثر عدلاً لناحية توزيع الإيرادات حيث حصل بايرن ميونيخ على 30 مليون جنيه استرليني في الموسم الماضي، بينما حصل أينتراخت براونشفايغ صاحب المركز الأخير على نصف القيمة أي 15 مليون جنيه.

الدوري الإنكليزي أكبر من الجميع

الإيرادات الضخمة وأسلوب توزيعها في «البريميير ليغ» جعلا عائدات النقل التلفزيوني لفريق كارديف سيتي الذي هبط الى الدرجة الثانية (62 مليون جنيه)، أكبر من كل من بايرن ميونيخ في ألمانيا (30 مليوناً) وأتلتيكو مدريد في إسبانيا (34 مليوناً) وباريس سان جيرمان (36 مليوناً) في فرنسا. وفي الوقت الذي ترتفع فيه عائدات النقل التلفزيوني في البطولات الأوروبية الأخرى، تقترب عائدات الدوري الإنكليزي في موسمه المقبل من أن تساوي عائدات البطولات الثلاث مجتمعة، حيث ستبلغ 2.7 مليون جنيه في العام الواحد (بعد جمع قيمة العقود المحلية والخارجية)، في حين سيبلغ مجموع عقود كل من الدوري الإيطالي (حوالى مليون جنيه استرليني) والدوري الفرنسي والألماني (0.7 مليون جنيه سترليني لكل منهم) والدوري الإسباني (0.6 مليون جنيه استرليني) حوالى 3 ملايين جنيه استرليني. وبهذا ستصل فرق «البريميير ليغ» العشرين في المواسم المقبلة لتكون من أغنى 30 فريقاً في العالم، حيث سيصبح بيرنلي أغنى من أياكس!
عائدات النقل التلفزيوني الضخمة لدوري انكلترا تعكس جماهيرية هذا الدوري، فسطوته التلفزيونية لم تتجاوز البطولات الأخرى فقط وإنما تخطت عقود كل من بطولة كرة السلة الأميركية لموسم 2016-2017، والتي ستبلغ 1.7 مليار جنيه استرليني، ودوري البايسبول الأميركي الذي تبلغ قيمة عقوده مليار جنيه استرليني، فأصبح الدوري الانكليزي الممتاز بالتالي في المرتبة الثانية للعقود التلفزيونية السنوية المحلية خلف بطولة كرة القدم الأميركية بعقد سنوي يمتد حتى عام 2022 بقيمة 3.2 مليارات جنيه استرليني.
اليوم تضع هذه الأرقام الضخمة فرق الدوري الانكليزي أمام اختبار جديد أكثر صعوبة وخاصة لفرق القمة، فهي من جهة ستزيد قدرات الفرق المادية وبالتالي قدراتها التنافسية وإمكانية شراء لاعبين من طراز عالٍ، لكنها من جهة أخرى ستزيد من حدّة المنافسة وصعوبة المباريات ضمن البطولة نفسها، ما يصعّب مهمة الجميع من دون ان يسقط المتعة المرتقبة دائماً.