رغم مضي أكثر من ستة وخمسين عاماً على أداء أغنية «ست الحبايب» التي غنّتها الفنانة الراحلة فايزة أحمد (1934 ــ 1983/ الصورة) في 1958، لا تزال الرقم واحد لغاية اليوم ومن دون منافس مع حلول عيد الأم. فالأغنية التي كتبها الشاعر حسين السيد ولحّنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، أشبه بجوهرة تلمع كلّما مرّ عليها الوقت، وتزداد شهرة كلّما أُعجب مستمع جديد بها. ومن شدّة إعجاب عبد الوهاب بذلك العمل، عمد إلى غنائه بصوته أيضاً، مقدّماً إيّاه بصورة مختلفة عن تلك التي خرج بها بإحساس فايزة أحمد.
يُحكى أن تلك الأغنية لم تستغرق كتابتها أكثر من خمس دقائق. وفي التفاصيل، أنّ حسين السيد كان قد ذهب لزيارة والدته في ليلة عيد الأم (21 آذار/ مارس) في أحد أحياء القاهرة، وعندما صعد السلّم تذكّر أنّه نسي أن يجلب معه هدية لها، فأخرج قلماً وورقة ونسّق كلمات صادقة.

وفي اليوم التالي، استمع عبد الوهاب إلى القصيدة وعبّر عن إعجابه بها.
جمع حسين السيّد كل الجمل المؤثرة وخطّها في قصيدة واحدة طغت عليها الأحاسيس الرقيقة التي تُعبّر عن تضحيات كل أم في سبيل أولادها. دخلت «ستّ الحبايب» التاريخ الفني كأكثر الأغاني تأدية، لأنّ غالبية الفنانين العرب عبّروا عن محبّتهم لأمهاتهم من خلالها. ويكفي أن تكتب اسم الأغنية على يوتيوب لتظهر أمامك عشرات الفيديوات للأغنية بأصوات مختلفة، مثل: المصري تامر حسني، والتونسية الراحلة ذكرى، والمصرية شيرين عبد الوهاب، وآخرين. تمّ أداء «ستّ الحبايب» بطرق عدّة، إذ غنّاها البعض منفرداً، فيما فضّل آخرون أسلوب الدويتو. ولعلّ الدويتو الذي جمع المغنية السورية ميادة الحناوي بالعراقي كاظم الساهر هو الأجمل. الثنائي أدّيا الأغنية في برنامج «العرّاب» الذي عُرض قبل سنوات على قناة mbc، وقدّمه نيشان. يومها، اختتمت الحلقة بـ«ستّ الحبايب» التي أُخرجت من إطارها الكلاسيكي المعروف. وفي الموسم الفائت من برنامج «ذا فويس» (mbc) تأثرت شيرين عبد الوهاب وبكت على أنغام «ستّ الحبايب» عندما أدّتها المشتركة المصرية «وهم». حينها، عبّرت صاحبة أغنية «مشاعر» عن علاقتها بوالدتها بطريقة عفوية وقريبة من القلب، بعيداً عن التصنّع. صحيح أنّ «ستّ الحبايب» كتبت باللهجة المصرية، إلا أنّ كل فنان عربي طعّمها بلهجته الخاصة، وغنّتها أسماء من الذكور والإناث. حتى أنّه بمجرّد سؤال أي محاور ضيفه الفنان عن أغنية للأم، تخطر إلى ذهنه فوراً «ستّ الحبايب».
على مدى الأعوام الخمسين الماضية، ظهرت أعمال للأمّ لا تعدّ ولا تحصى، ولكن بقيت كلمات «ست الحبايب» وحدها الرقم واحد. يعتبر البعض أنّ هذه الأغنية كانت كافية ووافية للتعبير عن مشاعر أي ابن تجاه والدته، ولا يمكن لأيّ تعابير أخرى أن توصل الرسالة بالطريقة نفسها.