التعرّف إلى عالم الـ«Gym»، أو ما يسمى «النادي» وفق المصطلح الشعبي الخاص بالمناطق الشعبية، حيث النوادي التي تختلف صورتها تماماً عن تلك الفارهة والموجودة في محيط الناس «الكلاس»، يأخذك إلى التعرف على عالمٍ آخر، حيث الغرابة والهوس والفكاهة في آنٍ واحد.في تلك النوادي حيث لا يتجاوز رسم الاشتراك الشهري 50 دولاراً أميركياً كحدٍّ أقصى (يصل الاشتراك في أي Gym رفيع المستوى إلى 300 دولار أحياناً)، يفترض بالمبتدئ أن يعي أن حتى من سبقه إلى هناك بيومٍ واحد فقط سيكون أحد مدربيه.

في هذا النوع من الـ«Gym»، الكل يصبح مدرباً، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي قضاها بين «الحديد» أو حجم عضلاته ومعرفته فعلاً تنفيذ التمارين. نصائح من هنا وأخرى من هناك، وتأكيد من هذا بأن هذه هي الطريقة الصحيحة لتنمية تلك العضلة، ونفي من آخر حول نصيحة يقدّمها زميل لا يتمتع بنفس حجم البنية الجسدية.
هناك، يحدد حجم الجسم من هو صاحب الخبرة الأكبر أو القدرة على تدريب الآخرين من دون أن يكون قد حمل أي شهادة بهذا الخصوص. لا يهمّ كيف عمل على تربية عضلاته، إن كان وفق طرقٍ علمية أو من خلال الممنوعات التي يكون توزيعها مثل حبيبات السكاكر والعلكة في هذه الأماكن.
فعلاً، هناك ليس بالضرورة أن تتكبد كلفة الاستعانة بمدربٍ خاص، الذي يتقاضى عادة في جلسة واحدة في النوادي المصنفة من الفئة الأولى أكثر بكثير من الاشتراك الشهري الخاص بنوادي المناطق الشعبية. أحدهم مستعد للمساعدة من دون أن يطلب التعرف إلى اسمك حتى، إذ تشعر بأنه يشبع شغفاً ما قد يكون ناتجاً من نقص عرفه في الحياة الخارجية بعيداً من النادي، حيث لا يسمح له مركزه الاجتماعي أو المهني بممارسة مهنة «الأستاذ» مع أحد.
أمام تلك المرايا تنشأ صداقات موضعية بين أشخاصٍ ينتمون إلى فئات مختلفة من المجتمع، لكن يجمعهم أمر واحد هو الهوس بالعضلات. هم لديهم مجتمعهم الخاص ولغتهم الخاصة أيضاً، إذ تتعدد الكلمات المشجعة لأي أحدٍ منهم وهو يهمّ برفع الأثقال.
«وحش»، «الله معو»، «شيل ريشة»، «إيه أرنولد إيه»، «حاضر والله حاضر». تختلط هذه الكلمات دائماً مع الموسيقى «الرخيصة» العالية جداً، حيث يواظب من «يأكل الحديد»، كما يحلو للبعض تسمية أصحاب البنية الضخمة، على التدرّب بشراسة حيث تصدح الأصوات المتأتية من الألم جراء تدرّب البعض بأثقالٍ تفوق قدرتهم.
هذه الكلمات ليست سوى عيّنة بسيطة من لغة ذاك المجتمع الذي يضم أشخاصاً لا يعرف كثيرون أسماءهم الحقيقية. «علي فيتامين» هو أحدهم، وهذا الاسم موجود في أكثر من نادٍ، وصاحبه بالتأكيد ليست شهرته فيتامين أو ليس اسمه علي حتى، بل اكتسب هذا الاسم بسبب تناوله الحبوب المنشطة على أنواعها من دون الاكتراث لأحد، إذ إن همّه الأول والأخير أن يصبح «الجغل» الذي سيكتسح الشواطئ في الصيف، جاعلاً الفتيات يتمنين أن يحمل إحداهن على كتفيه ويسير بها في نزهة على الرمال.
مشهد هوليوودي من دون شك، لكنه حقيقي إلى أبعد الحدود في تفكير بعض «آكلي الحديد»، الذين قد يفعلون أكثر مما يُقدم عليه صديقنا الفيتامين، إذ قد تسيل الدماء من زند أحدهم فجأة جراء حقنة تأتي في سياق «Cycle» الهدف منه تحويل صاحبه إلى وحش. هو يرفع قبضته متحاملاً على الألم ويطلب من أحدهم التقدّم ليشمّ «رائحة الموت»، في عبارة تعبّر بحسب رأيه عن قدراته البدنية القوية، بحيث يعتبر نفسه أنه أصبح قادراً على خطف روح أي كان من خلال عضلاته المفتولة.
مشهد فكاهي آخر يتقاطع مع اسم فكاهي لـ«بطلٍ» آخر هناك يطلقون عليه اسم «القياسات» بالنظر إلى حجم عضلاته الضخمة جداً، التي يتفوّق فيها على كل رجال الأمن (Bouncers)، الذين يعملون في الملاهي الليلية، وتتطلب منهم وظيفتهم أن يحتفظوا بضخامة معيّنة، ولمَ لا مضاعفتها إذا أمكن بهدف إخافة أي مفتعل للمشاكل.
أما «المنفخ» الذي اكتسب لقباً فكاهياً أيضاً لهوسه بنفخ عضلات صدره دون سواها، فهو يعرّفك إلى «التعاطي» (المنشطات) وإلى أسماء المكملات والعقاقير والحبوب، فتصبح كلمات «الأنابول» و«أمينو» و«الكيراتين» وغيرها مألوفة إلى أبعد الحدود، وهي بدورها تترك قصصاً قد يجدها البعض فكاهية لشبان يتحدثون في «الدوش» عن عجزٍ جنسي مؤقت جراء الإفراط بتناولها... لكن طبعاً كل هذا يصبح في النسيان عندما يقف الفيتامين ورفاقه أمام المرآة يستعرضون نتيجة «أكل الحديد».