قلّما تجد جمهور فريق يحفظ اسم مشجّع أكثر ممّا يحفظ أسماء معظم لاعبيه، ونادراً ما تجد جمهور كرة قدم يهتف باسم مشجعٍ في أرض الملعب كما يفعل مع علي كركي، الذي تحوّل إلى ظاهرة تشجيعية نجماويّة لافتة في السنوات الأخيرة. خفّته وشخصيته المضحكة الطريفة جعلتا منه المشجّع النّجماوي الأشهر خصوصاً مع انتشار وسائل التّواصل التي أتاحت تبادل تسجيلات له، بدايةً عبر «البلوتوث»، ومن ثمّ عبر «اليوتيوب». وقد قام بعض الأشخاص أخيراً بإنشاء صفحة له على «فايسبوك»، بعنوان: «النّجم علي كركي».
ما إن يلتقي به أي شخص في الشّارع، أو في أحد المقاهي التي يوجد فيها، ويحمل هاتفه لتصويره، حتى يبدأ كركي بالهتاف وترداد الشّعارات التي يحفظها من الجمهور، وبعضها من اختراعه. صار الهاتف النّقال مثل جهاز التّحكم، يشغل هواية كركي في الهتاف. يخلط السّياسة بالرياضة فالجزء الأكبر من هتافاته سياسية، وتجده لا يخرج من الانتماء إلى مجتمع طغت السّياسة على كلّ مكوّناته. يروح يردّد ما يسمعه في محيطه من هتافات، بعضها طائفية، وبعضها سياسية ذات لون واحد. أمّا في الهتافات الرّياضية فهو يعلن ولاءه الأبدي للنجمة.
ميسي يحب فتاة من
الضّاحية ورونالدو هو عميل صهيوني أميركي!
ربّما يعود هذا الأمر أيضاً إلى تأثره بمحيطه، إذ يروي بعض المقرّبين منه أنّه، منذ سنوات بعيدة، لم يكن مشجعاً للنجمة فقط، بل كان يقتني أعلاماً لكل الفرق ويذهب لتشجيعها حين تلعب، ثم استقر منذ بضع سنين على تشجيع النّجمة فقط. كما أنّه يشجع برشلونة، ويعتبر أنّ كل نجماوي يجب أن يكون برشلونيّاً. يبرّر ذلك كما ظهر في أحد فيديوهاته بأنّ «ميسي يحب فتاة من الضّاحية، ويحب السيد حسن نصر الله، بينما رونالدو هو عميل صهيوني أميركي!». هي بالتأكيد إحدى «شطحاته» الكثيرة التي يخترعها حين تأخذه الحماسة.
بعض هتافات كركي تأخذنا إلى الزّمن الجميل للكرة اللبنانية، وكأنّه يريد أن يبقى فيه. فيهتف مثلا: «تقّو موتو يا أنصار، حسين ياسين عالمنار»، أو«شاورما ع دجاج... رقصهم موسى حجيج»، و«يمين شمال.. رقصهم يا جمال»... وغيرها من شعارات تجمع الماضي بالحاضر. يعبّر عن الواقع بشفافية، بعفوية مرحة، وصراحة وقحة أحياناً، يهدف إلى إضحاك من حوله، من يصوّره، ومن سيشاهد الفيديو بعد ذلك.
يقطن كركي في تحويطة الغدير، أحد أحياء الضّاحية الجنوبية لبيروت، لا عمل ثابتاً له، فهو يعمل في خدمة الناس وتلبية طلباتهم مقابل «إكراميات»، وهذه الأخيرة تطال الفيديوهات التي يتم تصويرها. كما أنّ لكركي أخاً أصغر يشبهه في سلوكه، ولكن شهرته لا توازي شهرة علي، يُرجع البعض ذلك إلى كون الأخير أكثر طرافة وعفوية، بينما الأخ يعمد إلى التقليد واقتباس صورة الأخ الأكبر.
يتحدّث جيرانه عن همّته العالية في خدمة الجميع، وعن طرافته وخفة دمه وعن انّه لا يتوقّف عن الحديث عن «النجمة» مع كل المارة، حتى أولئك الذين لا يهتمون بالكرة وشؤونها. يقول محمد، أحد جيرانه، أنه كلّما التقاه بادر إلى الحديث معه عن مباراة النجمة الأخيرة، أو القادمة، وعن اللاعبين، وانتقالاتهم، وحتى تلك الأخبار الخاصة بالغرامات أو التوقيفات التي يتخذها الاتّحاد بحقّ ناديه ولاعبيه. يعرف كلّ الأخبار رغم أنّه لا يستخدم أيّاً من وسائل التواصل والاتّصال، ولا يحمل هاتفاً حتى...
يعرّف عن نفسه، بالمواطن النّجماوي علي كركي، يضحك حين تخبره عن شهرته الواسعة على صفحات التواصل، ما إن يرى الهاتف بيدك حتى يسألك: «بدك تصوّرني!؟». يسألك عن المباراة القادمة لـ«النجمة»، وحين تخبره انك لا تعرف يبلغك هو بموعدها! ثم يتضرّع إلى الله أن يكون الفوز حليف فريقه، وأن تكون الخسارة من نصيب «الأنصار»، الغريم التّقليدي للنجمة.
يذهب علي كركي إلى المباريات بشغف. حماسته لا تنقطع، وصوته لا يتوقف خلال المباراة عن الهتاف، قد يكون أكثر المشجعين حماسة، وربما يحب أن يظهر بتلك الصورة. صراحته مضحكة أحياناً، بعض هتافاته غريبة، لكنه يلتقطها من هنا وهناك ثم يرددها بعد ان يضيف عليها لمسته أحيانًا. ويسعده أن تنتشر صوره وفيديوهاته، رغم انّه على الأغلب لا يشاهدها! هو من أكثر المشجعين شهرة، وقد تحوّل في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة تشجيعية نجماوية فريدة.