كيف لك أن تبدأ حديثاً عن الحب في السعودية؟ كيف لك أن تنقل بالضبط ما يحدث هناك؟ كيف لك، فعلاً، أن تخبر أحدهم عن «قصة حب» بحثت عنها في أحاديث الرجال والنساء داخل جدران المملكة المحرمة؟ الأسئلة كثيرة. كيف ستسجل ما يحدث حين يواجهك سؤال مشابه؟ ستتلعثم حتماً، وقد ينتفخ رأسك كقنبلة معدة للتفجير. ستخفي حرجك بضحكة، ستحاول دفعه عنك باختراع مزحة ساخرة.
وربما، ستجيب مضطراً: عرفت الحب في الكتب والأفلام على الطريقة القديمة. ستهمس لسائلك عن القبلة الساخنة التي قرأت وكيف حدثت في عالم موازٍ. وربما سيأخذك الحرج المغلف بالجرأة لاخباره عن أول فيلم أو كتاب أدخلك إلى عالم الكبار. في وقت يتجنب حولك الكبار أنفسهم الحديث أو حتى الهمس بقربك عن «الحب الممنوع»، أو كيف تتوجب عليك ممارسته، مثلاً.
كل ذلك سيمهد لمستمعك أن يعرف: لا شيء يدعو للحب أو الاحتفال به على طريقة الآخرين. مهما قال، سيصعب عليك أن تحدثه عن مصادفتك عشاقاً يتبادلون القبلات على الطرقات، حتى السرية منها. وكونك لم تجد أحدهم ممسكاً يد حبيبته في مقهى، وكيف منعك الحظ - النادر- من سماع غزل عابر من رجل بامرأة قرب طاولتك في المطعم. وكيف كنت تقود سيارتك في الطرقات في رحلة البحث عن ما يوحي بالاحتفال بعيد الحب، الذي يعرف الجميع هناك انه لن يكون مباحاً الحديث في مثل هذا اليوم. الأسئلة كثيرة.
سترسم له خيالاتك مشهد فتاة سعودية ترتدي عباءة سوداء، وتعثر نظراتك بشاب باللباس التقليدي يخرجان مسرعين من محل للهدايا وهما يخفيان علباً، تخفي بالونات ودمى حمراء يضعانها في سيارة مجهولة تختفي من أمامك في أحد شوارع أحد المدن السعودية. تصور الرواي، ربما، سيجعلك تتساءل عن حقيقة ما يحدث أمامه فعلاً.
هل سيكون ذلك حلم يقظة آخر يجبره على التعايش في هذه المدينة الكبيرة التي تدعي العفة الملتبسة؟ هناك حيث اللون الأحمر مخيف ومتوارٍ، مشهد الهروب والتلفت للعشاق السريين سيذكره بمشهد عابر في أحد أفلام الرومانسية الرديئة. فالعشاق موجودون في الواقع، وليس في الروايات
وحسب.
لكنها رواية لا تنطبق على المدينة المقدسة، حيث الكثير من العشاق- اللصوص- يراقبون الواجهات الخالية. أولئك الذن يجيدون اللعبة السرية والتعامل معها: اللون الأحمر لا يتصدر الواجهات في «الفالانتاين»، الحب بالنسبة لهم يقع في الجانب الخلفي البعيد من أعين «الهيئة»، التي ينشط مطاوعتها في مصادرة كل ما له صلة باللون الذي يفضح عقيدتهم المتشددة. مستقبل اللون الأحمر حسب «منطقهم» الطريف والقاتل في الوقت نفسه، لن يجده مستمعك وروداً وعشاقاً. الحب في السعوديّة، كما يريدوننا أنه نعرفه، مرسوم على حد «السيف الأملح». آنذاك، سيكون الكلام ممكناً والنظر مباحاً. ستتوارى المحرمات، ستسجل عين السائل مشهد الدم الذي يتقن «المطاوعة» تشكيله وتقديمه للجميع شكلاً متداولاً للأحمر، لبلاد لا يريدون لها أن تعرف الحب.