ان تكون لاعب كرة سلة يعني ان تتلقى راتباً كبيراً في نهاية كل شهر، ويعني ان تحظى بعقدٍ يؤمّن لك كل جوانب الرفاهية من حوافزٍ واماكن سكن. ان تكون لاعب كرة سلة يعني ان تحصل على افضل طاولة في امكنة السهر، وان تقود احدث سيارة وان تسافر الى اجمل البلدان واكثرها كلفة، ولمَ لا، ان تستفيد من نعمة الموهبة الموجودة لديك لتستثمر الاموال في مشاريع تحمل اليك المزيد منها.
ببساطة، حياة الاكثرية الساحقة من لاعبي كرة السلة في لبنان ترتكز على عاملٍ واحد واساسي: المال قبل اي شيء آخر.
هم يمثّلون الطبقة الثرية في الرياضة اللبنانية، اذ يمكن لأيٍّ كان تمييز لاعبي كرة السلة المحليين والاجانب عن غيرهم في اي مكانٍ عام، لا بسبب طولهم الفارع الذي يُبرزهم حتى في الاماكن المزدحمة كأماكن السهر، بل تجمّعهم وتموضعهم على الطاولات المخصصة للشخصيات المهمة في اماكن السهر مثلاً. أضف طريقة تقديمهم لأنفسهم عند دخولهم الى تلك الاماكن، حيث يسير بعضهم طالباً جذب الانظار، مستمدين ثقتهم بأنفسهم مما بلغوه من شهرة داخل الملعب. هم اصلاً يعلمون ان الكثيرين يلاحظون وجودهم بينهم، وخصوصاً الفتيات حيث يأخذ بعض اللاعبين دور «الجغل» ضمن منافسته مع زملائه على جذب اكبر عددٍ منهم في نهاية السهرة.
وهناك في تلك الاماكن المصنّفة من الدرجة الاولى، وحيث السهرات الفارهة يمكن اخذ عيّنة من «لايفستايل» لاعبي «الباسكت»، اذ يصل احدهم الى باب ملهى ليلي فيسارع «الفاليه» لملاقاته وتأمين ركن سيارته، فهو زبون دائم ويطلب دائماً عرض سيارته التي يتجاوز سعرها
الـ 60 الف دولار على المدخل مهما كانت الكلفة. يهمّ نجمنا في معانقة رجال الأمن الذين لا يمارسون معه الدور الروتيني بتفتيشه اذا ما كان يحمل سلاحاً، فيطلب له احدهم المصعد ليبدأ كرنفال المصافحة والقاء التحية فور دخوله الى المحل. اما بعد السهرة، فهناك قصة اخرى شاهد فصولها كثيرون في الصيف الماضي عندما ازدحم السير امام احد الملاهي الليلية الراقية لان احد نجوم اللعبة أصرّ على اقناع احدى الفتيات بمرافقته دون الاكتراث لطابور السيارات وراءه، لكن حتى خروج نصفه من نافذة الـ «راينج روفر» الخاص به لم يساعده على تحقيق مبتغاه في تلك الليلة.الحكايات كثيرة، ففي عام 2005 وعندما كان المدرب الاميركي بول كافتر يشرف على المنتخب الوطني، اعرب عن تفاجئه باصرار لاعبيه على الوصول الى التمارين بسيارات باهظة الثمن من دون ان يعيروا اي اهتمام للحافلة التي كانت تنتظرهم يومياً امام مقرّ معسكرهم. وهذه القصة ليست مستغربة، اذ ان المنافسة بينهم تصل الى هذه المرحلة، لدرجةٍ عمد احد اللاعبين اخيراً الى المسارعة لشراء السيارة الرباعية الدفع نفسها التي ابتاعها زميلاً له لكن بلونٍ مغاير...
كل شيء مؤمّن لهم لعيش حياة رغيدة، حتى ان بعضهم بات يشترط الحصول على شاليه او شقة مفروشة ضمن عقده، وهو امر ينطبق على غالبية لاعبي الرياضي والحكمة. كذلك، هناك من يجول العالم في كل صيف وخلال فترة توقف النشاط السلوي بين جزر اليونان وجزيرة ايبيزا ووصولاً الى البرازيل في الصيف الماضي لمشاهدة فعاليات مونديال 2014 لكرة القدم.
وفي موازاة حصولهم على اموال كثيرة، وهو امر مشروع بالنظر الى استحقاق الكثير منهم لما يدفع لهم بسبب المجهود الكبير الذي يقومون به طوال مواسم صعبة، فان حياتهم الاحترافية جعلت بعضهم يستثمر امواله بطريقة ذكية لاضافة ارباح اخرى، مستفيدين من شهرة اسمائهم وشبكة العلاقات التي نسجوها لشق طريقهم نحو «البيزنس».
وكان ايلي مشنتف اول من توجّه الى اعمالٍ بعيدة من كرة السلة عبر منتجعٍ سياحي انشأه في الكسليك، واخيراً عبر مشروع ملاعب كرة سلة وميني فوتبول. اما النجم المحترف بعقدٍ كبير في الصين فادي الخطيب، فقد كان شريكاً في شركة شحن سابقاً، وهو اليوم صاحب شركة تُعنى بالتنظيفات وذاهب نحو مشروع ملاعب ايضاً.
وفي الملاعب فضّل لاعبون مثل رودريغ عقل وايلي اسطفان البقاء ايضاً وتأسيس اكاديمية لتعليم اللعبة، تماماً على غرار احمد ومحمد ابراهيم. اما روني فهد فقد اخذ توجّهاً آخر سابقاً عبر فتحه حانة في شارع الجميزة.
هم الاثرياء بين الرياضيين اللبنانيين، وهم الذين استفادوا منذ نهاية التسعينيات وحتى اليوم من التعويم المالي الذي عاشته اللعبة تباعاً، لدرجةٍ وصلت فيه بعض الاندية في نهاية الموسم الماضي الى شفير الافلاس. وهذا الامر يبدو طبيعياً، اذ ان عقود بعض اللاعبين تساوي ميزانية موسمية لنادٍ في كرة القدم على سبيل المثال لا الحصر، فالخطيب ارتبط سابقاً مع عمشيت بعقدٍ قيمته 450 الف دولار في الموسم الواحد، وجوليان خزوع ارتبط مع الحكمة بعقدٍ لمدة 6 سنوات براتب يلامس الـ 350 الف دولار في الموسم الواحد، واسماعيل احمد سيتقاضى مليون دولار في ثلاث سنوات مع الرياضي، بينما راوح اقل عقدٍ لأحد لاعبي النخبة بين 80 و90 الف دولار موسمياً.