انتهت الولاية الرئاسيّة، ولا رئيس. لا لمرض الرئيس أو لوفاته، لا لكارثة طبيعية، لا لسبب خارج عن ارادتكم، بل لأنكم، يا أصدقائي، «أنتم العلّة». فلنذهب إلى القانون، لم لا؟ نحن في دولة مؤسسات. تذكر المادة 74 من الدستور اللبنانيّ، عن خلو «سدة» الرئاسة، و«سدة» لوحدها مصطلح «اشكالي» ولطيف إلى حدٍ ما، أنه «إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس او استقالته او سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية من دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الاعمال الانتخابية».
أطال الله عمر الرئيس السابق ميشال سليمان وسمح له بإتمام الولاية الرئاسية، مشكوراً على كل شيء، مواقفه وسفره الكثير ووقته الثمين، فوق «سدة» الرئاسة. ورغم ذلك وقعنا في الفراغ. يعني ان هناك علّة ما... والنواب، الذين يعطلون هم العلّة. طيب، بالعربي: ما معنى سبب او علّة؟ هل تقاعس المسؤولين علّة؟ هل عجزهم الاراديّ والمتعمّد يدخل ضمن العلل القانونية المبرّرة لخلوّ سدة الرئاسة، علماً بأن المبرّرات المنصوصة أعلاه في المادة 74 من الدستور تقع ضمن الولاية الرئاسية ولا مبرر يُشرّع حالة فراغ تستمرّ الى ما بعد خروج الرئيس من بعبدا؟ أسئلة كثيرة في بلد الأسئلة. للحقّ حدود وعلى الممارس احترامها. كلّ تعسّف في ممارسة الحقّ هو تخطّ للحدود يجرّد الممارس من أحقيته في ممارسة حقّه: قضاة يمتنعون عن حضور جلسات المجلس الدستوري ويعرقلون صدور القرار بحجّة حقّهم كأقليّة بالتعطيل. أين مثل هذا الحقّ في جعبة حقوق تيسّر ولا تعطّل؟ حقّهم كأقلية يسقط متى يصبح تعسّفاً «abus de minorité»، بالفرنكفوني، بما أننا في بلد فرنكفوني. وحقهم هذا، المأخوذ من حقنا، يسقط لأكثريّة متعسّفة تُعطّل شؤون المواطنين في ظلّ غياب أي اتفاق في ما بينها.
أين مفهوم المسؤوليّة؟ الاتفاق واجب على المسؤولين وضرورة حتميّة من خلال التصويت، حتّى ولو اقتضى ذلك اجتماعات مفتوحة ليلاً ونهاراً للوصول الى حلّ. لا يجوز للمسؤول العاجز والكسول، أو الذي يدّعي العجز (عن تحقيق النصاب) عن حلّ مشكلة ما أن يعيدها الى الشارع، ويفجّر ذاك الذي اختاره ونصّبه مسؤولاً عن وحدته وسلمه الأهليّ. واللبنانيّون مسؤولون، في أية حال، عن تنصيبهم هذا. هل قلنا لبنانيّون؟ حسناً. أين الشارع من قانون الانتخاب؟ هل تقع المسؤولية عليه أو على الجهّة المخوّلة صلاحية التشريع؟ وجد القانون لتدجين السياسة. وبُنيت المؤسسات لتسيير أمور الناس ولا نزال نسمع قانونيين سطحيين يجدون تفسيرات لحالات تعطيل وفراغ لم يعرفها قانون ولا دستور. أصبح الكلّ مرجعيّة وباتت شؤون الدستور مُتداولة على الشاشات والميكروفونات والتفسيرات. جمهوريّة موز، أليس كذلك؟
هنا معادلة السببيّة والمسبّب. بات مُسبّب الفعل يختلق علاقة سببيّة بين الفعل والنتيجة ليخفي تعمّده انتاج هذه النتيجة وليبطّن شرعيّتها وحتميّتها المفبركة. يتحججون بالأوضاع الاستثنائية لانتاج أفعال غير قانونية وغير دستورية وينتهي المطاف بتمديد لمجلس النواب، برئيس بلاد من خشب (أرز فاخر)، وبمجلس وزراء لا يزال يتناقش احتمال تأمين «نصاب» جلساته.