هي حصة تعليمية يجري "زركها" بين مجموعة حصص مفروضة على كل طالب مدرسة. البعض يعدها "ساعة فراغ"، بينما تغيب كلياً عن جدول حصص طلاب كثيرين في مدارس عدة والسبب هو عدم وجود أساتذة، فيما يمكن أن تكون الفرصة الأولى لاكتشاف أبطال ونجوم. هي "ساعة الرياضة " الأسبوعية التي غالباً ما تكون عبارة عن أولاد يركضون في الملعب تحت إشراف أستاذ من المفترض أنه مؤتمن على مستقبل بلد من الناحية الرياضية.
في لبنان تنقسم المدارس بين رسمية وخاصة، ليضم القطاعان ما يقارب المليون طالب. في كل طالب من هؤلاء قد يكون هناك موهبة كامنة تحتاج إلى من يكتشفها ويسلّمها الى الجهة الصحيحة القادرة على صقلها وتطويرها حتى يصبح صاحبها نجماً يكتب تاريخ بلده رياضياً.
في المدارس الرسمية التي تضم ما يقارب الـ 300 ألف طالب تنقسم فكرة الرياضة فيها الى قسمين، الأول بشقها الأكاديمي الذي هو عبارة عن نشاط رياضي مدرسي عبر فرق تتنافس فيما بينها في بطولة مدرسية. أما الشق الثاني فهو يتعلّق بالموهوبين الذين يمثلون نواة منتخبات وفرق المستقبل، حيث يبدأ المشوار من المنتخبات المدرسية ويتطوّر نحو الأندية الأهلية ومنها الى المنتخبات الوطنية.
في القطاع الرسمي ينقسم مدرسو الرياضة بين أساتذة الملاك والمتعاقدين، لكنّ هؤلاء غير موجودين في جميع مدارس لبنان، ذلك أن هناك مدارس ما من أستاذ أو معلمة رياضة فيها، إذ يبلغ عدد الأساتذة العاملين في الرياضة المدرسية 1800 أستاذ، نصفهم من الملاك ويشرفون على تربية ما يقارب الـ 150 ألف طالب، أي بنسبة 50%، ما يعني أن نصف طلاب لبنان في المدارس الرسمية لا يعرفون معنى الحصة الرياضية. فهناك حاجة الى 1000 أستاذ رياضة ما يجعل هذه المهنة من أكثر المهن التي لديها سوق عمل.

الحصص والنشاطات الرياضية

العاملون في قطاع الرياضة المدرسي ينطلقون من منهاج موضوع من قبل المركز التربوي للبحوث والإنماء الذي يحدد منهجية التربية الرياضية في المدارس ومنهجية الحصص ونوع الألعاب التي من المفترض تغطيتها وعدد الحصص التي تقدم خلال الدوام أو بعده وتسمى الأنشطة اللاصفية. جميعهم يعملون لكن البعض يقوم بعمله بشكل صحيح والبعض الآخر مقصّر في عمله، لكن ما من اساتذة "لا يعملون" بحسب ما يقول رئيس الوحدة الرياضية المدرسية مازن قبيسي في حديث لـ "الأخبار".
هؤلاء الأساتذة يعملون في الرياضة بمعدل حصة الى حصتين أسبوعياً وهو عدد قليل بالنسبة لقبيسي، وخصوصاً إذا ما قارنه بما هو حاصل في مدارس أوروبا "حيث يصل عدد الحصص الرياضية الى خمس أو ست حصص أسبوعياً. ومرد ذلك الى طبيعة الدوام المدرسي الذي يزيد عن دوامنا بساعتين الى ثلاث ساعات، اضافة الى رؤيتهم للتربية الرياضية التي تتخطى مسألة التطوير الرياضي بل لها علاقة بالثقافة الرياضية وحاجة الطالب الى فترة راحة يومية من خلال الرياضة".
في لبنان تبلغ مدة الحصة الرياضية 50 دقيقة وهي غير كافية لتقديم كل ما يلزم للطالب المدرسي، وهنا يأتي دور الأنشطة اللاصفية المفروضة على كل أستاذ في الملاك بمعدل أربع حصص أسبوعياً. وتلك النشاطات هي التي تتشكّل منها منتخبات المدارس التي تشارك في البطولة المدرسية الأم التي تقيمها الوحدة الرياضية سنوياً. وفي عام 2014 بلغ عدد المشاركين في البطولة 27528 طالبا من 1611 مدرسة رسمية وخاصة، ويتوقّع أن يرتفع العدد الى 32000 عام 2015.

تطوير النشاط اللاصفي

لكن إلى أي مدى تستفيد الرياضة الأهلية من الرياضة المدرسية وما هي الخطط كي يحصل ذلك؟
يجيب قبيسي أنه يسعى الى تطوير النشاط الرياضي اللاصفي عبر إشراك الأساتذة المتعاقدين بشكل أكبر من خلال قرار رسمي يؤمن لهم بدلاً مادياً، اضافة الى تفعيل دور مراقبي المباريات الذين يقومون بتسمية الطلاب الموهوبين عبر بطاقة خاصة يذكر فيها اسم الطالب والمدرسة التي ينتمي اليها ورقم هاتفه. هذا الأمر يؤدي الى اكتشاف عدد من المواهب في كل محافظة "وهنا يأتي دور الشراكة بين الوحدة الرياضية والاتحادات الرياضية. فقد جرى الطلب من الاتحادات تسمية أشخاص كي يرأسوا اللجان الفنية في الألعاب وهذا ما حصل. وهنا إذا أرادت تلك الاتحادات الاستفادة من تلك المواهب فعليها وضع يدها بيدنا لاقامة مراكز تدريب في المحافظات لكل لعبة ويقوم الاتحاد بتسمية لجنة مركزية تشرف على عمل المراكز ويختار الموهوبين ليكون هؤلاء نواة المنتخب المركزي، الذي يستفيد منه الاتحاد الأهلي في كل لعبة".
وكان هناك تجربة قاربت الفكرة العامة حيث جرى اختيار منتخب كروي مدرسي كان هو في الوقت عينه منتخب الشباب الوطني وجاء نتاج عمل تسعة مراكز تدريب في الأقضية تكفّلت بها وزارة التربية، فيما تكفّل الاتحاد اللبناني لكرة القدم بالجهاز الفني بقيادة المدرب باسم محمد الذي اختار 50 لاعبا من أصل 500 لاعب، قبل ان يتقلص العدد الى 23 وهم الآن عماد المنتخب الأولمبي الحالي.
ويشير قبيسي الى أن هناك توجها لنقل التجربة الى الكرة الطائرة وكرة السلة، وهذا الأمر يجب أن ينسحب على الألعاب الأخرى. "وإذا حصل ذلك فنحن في طريقنا بعد أربعة أعوام الى بناء منتخبات قوية على مستوى المحافظات وبالتالي سيكون هناك منتخب قوي على مستوى المنتخبات المركزية".
يعاني القطاع
الرياضي المدرسي نقصا في عدد الأساتذة والمعلمات


القطاع الخاص، يشكّل أيضاً خزاناً آخر من المواهب التي يمكن الاستفادة منها في الرياضة الأهلية. بعض تلك المدارس الخاصة ذهبت بعيداً في الحضور الكبير على صعيد الرياضة الوطنية. فالمون لاسال والشانفيل والجمهور والمقاصد ومؤسسات أمل التربوية وغيرها استطاعت تقديم أبطال للبنان. فالمون لاسال كان لها حضور كناد في البطولات الرسمية الاتحادية وخصوصاً في الألعاب الفردية، فيما يعد الشانفيل من الفرق الأساسية في بطولة لبنان لكرة السلة، وهو أحرز اللقب في الموسم ما قبل الماضي.

الخاصة غير الرسمية

اللافت أن ممارسة الرياضة اللاصفية في بعض المدارس الخاصة يكون مقابل بدل مادي، إذ تتقاضى ادارات تلك المدارس مبلغاً معيناً مقابل ممارسة رياضة ما، بعكس المدارس الرسمية التي تكون من ضمن مهام استذا الرياضة.
بالنسبة إلى رئيس نادي مون لاسال جهاد سلامة فإن ما يعيق استفادة الرياضة اللبنانية من الخزان المدرسي "عدم وجود هيكلية تنظيمية توصل المواهب الى الاتحادات الرياضي، لكن في الوقت عينه فإن الألعاب المعتمدة في وزارة التربية تستفيد أحياناً من الطاقات المدرسية، اذ على سبيل المثال فإن ميشال سماحة أحرز للبنان أول ميدالية أولمبية للشباب عام 2010 في لعبة التايكواندو، وكان عامذاك في صف البكالوريا".
وتعد الرياضة اساسية في منهج المدرسة التعليمي وفق نظام خاص، يفرض على الطلاب اختيار لعبة من أصل 14 لعبة متاحة في عمر العشر سنوات، ويستمر في ممارستها من ضمن المنهاج حتى يتخرّج من المدرسة.
ويشير سلامة الى أن القطاع الخاص بدأ يعود تدريجياً الى البطولة المدرسية مع عودة الثقة بالوحدة الرياضية، بعد فترة فقدت فيها المدارس الخاصة ثقتها بالبطولات المدرسية الرسمية وهذا ما أثّر على عدم اكتشاف مواهب جديدة. وبالنسبة اليه فإن الأساس هو إيجاد رابط بين اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والاتحاد المدرسي، مشيراً الى تجربته مع هذا الاتحاد عام 1999 - 2000 حين كان أمينه العام وزيد خيامي رئيسه، أثبتت أهمية وجود اتحاد كهذا.
من جهته، يرى مسؤول الرياضة في المقاصد، التي تضم فروع بيروت، مع ستة آلاف طالب تحت إشراف 18 أستاذاً، فؤاد بلهوان أن مشكلة الرياضة اللبنانية ليست في عدم وجود رياضة مدرسية صحيحة. فالأخيرة مهمتها تعريف الطلاب على الألعاب واكتشاف المواهب وتوجيهها نحو الأندية الأهلية، لكن الأخيرة هي المقصرة في تطوير تلك المواهب وعدم قدرتها على استيعابها.