يظل الحدث الأبرز في عالم الميديا المغربي تسريب وثائق نشرت روابطها عبر موقع تويتر. وثائق تشبه تسريبات سنودن وويكيليكس، إلا أنها تخص هنا وزارة الخارجية المغربية. حساب كريس كولمان سرّب وثائق ادعى أنه قرصنها، وتخص مراسلات الخارجية المغربية ومسؤولين في المخابرات الخارجية. وثائق مضمونها تعاون وثيق بين الأجهزة المغربية ولوبيات إعلامية وصحافيين فرنسيين وأميركيين للدفاع عن «مصالح» المغرب خاصة في الصحراء الغربية.
وعلى الرغم من أن المعلومات صادمة، إلا أنها لم تثر الضجة التي كانت لتثيرها معلومات مماثلة في دول غربية. تحدثت التقارير الرسمية، وتصريحات مسؤولين حكوميين عن مؤامرة يحيكها أعداء «الوحدة الترابية للمغرب»، والمقصود هنا بالطبع الجارة الجزائر وجبهة البوليساريو. تسريبات كولمان أشارت إلى أنّ أحمد الشرعي الذي هو على رأس مجموعة إعلامية مالكة لجرائد وموقع إخباري إلكتروني وإذاعة، يعمل إلى جانب الأجهزة الأمنية المغربية، كحلقة وصل مع صحافيين أجانب.
المعلومات ليست مؤكدة، بحكم أنه لا يعرف مالك الحساب ولا دوافعه لتسريب هذه المعلومات، في حين تصر فيه الأجهزة الحكومية على أن مسرب المعلومات هو الاستخبارات الجزائرية. احتمال وارد رغم أن لا نار بلا دخان في حروب الأجهزة. تصاعد اللهجة بين المغرب والجزائر كان أبطالها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والجرائد التي لم تتوقف عن الحروب الكلامية بينها، وانطلق مسلسل الانتقادات من الجانبين.
من جانبه، استحوذ قانون «مدونة الصحافة» على جزء كبير من النقاش الدائر في الحياة الإعلامية، خصوصاً أنّه يحدّد مستقبل «صاحبة الجلالة» في المملكة. مشروع المدونة شهد انتقادات من المهنيين الذين يعتبرون أنه لم يتغير شيء، ما دام القانون لا يحفظ لهم الحق في الولوج إلى المعلومات بالشكل الكافي. كما أنه لم يلغ اعتقال الصحافيين بشكل كلي. لكن الوزارة الوصية أكدت خلال تقديمها للقانون في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي الطابع التشاركي لإنجاز القانون، وأن المدونة متقدمة مقارنة بسابقتها.
إن كان المغرب يحرز تقدماً طفيفاً على مستوى قانون الصحافة، فإنّ مؤسسات دولية اعتبرت أنّه تراجع في مجالات الحريات. منظمة «فريدوم هاوس» الأميركية، تحدثت عن تراجع في مجال حرية الانترنت في المغرب في تقريرها لعام 2014 . واعتبرت أنّه رغم الحرية النسبية في معالجة الصحف للمواضيع الاجتماعية والاقتصادية، فإن انتقاد السياسات العامة قد يجلب على كاتب المقالات ملاحقات قضائية. وهو ما حدث مع الصحافي علي أنوزلا الذي لا يزال ملاحقاً قضائياً بعد إغلاق موقعه «لكم» خلال عام 2013 والصحافي رسام الكاريكاتور خالد كدار الذي أعيد تحريك ملف ملاحقته بتهمة إهانة العلم الوطني. جاء ذلك رغم مرور أربع سنوات على كاريكاتور رسمه عن حفل زفاف ابن عم الملك. الزيجات الملكية شهدت هذه السنة تغطية واسعة. يتعلق الأمر بحفل زفاف شقيق الملك الأمير رشيد الذي نقل بشكل واسع في الجرائد والإذاعات العمومية.
وإن كان الإعلام العمومي تطغى عليه متابعة الأحداث الرسمية والسعيدة في المملكة، فقد أغفل تماماً الفيضانات الأخيرة في مناطق مختلفة من المملكة التي أودت بحياة العشرات، وأدّت إلى خسائر فادحة في مجال البنى التحتية والممتلكات الخاصة. صمتت القناة الأولى المغربية عن هذه الأحداث، بينما نقلت القناة الثانية تقارير مصورة من عين المكان، ولو بشكل محتشم. غياب القناة الأولى عن تغطية الفيضانات دفع برئيس تحرير نشرة الأخبار المسائية عبد الغني جبار إلى التخلّي عن مهماته كرئيس تحرير. لكن رسالة استقالة الرجل لم تحتج على عدم تغطية القناة لحوادث الفيضانات بشكل عام، بل اقتصرت على عدم تغطية الحوادث في المناطق الصحراوية التي ينتمي إليها، ما اعتبره بعضهم مجرد شكل من أشكال «العنصرية الإقليمية»، بينما تحدث آخرون عن أن استقالته تدخل في خانة الصراع مع مديرة الأخبار في القناة.
السنة شهدت تقلصاً أكبر لمجال الأسبوعيات الناطقة بالعربية. هكذا، أغلقت مجلة «الآن» بعد سنتين على إطلاقها، وبعد أشهر قليلة على تغيّر مالكي المجلة، ودخول عزيز الداكي إلى رأسمال المجلة، علماً أنّه مقرّب من أحمد منير الماجدي السكرتير الخاص للملك، والمعروف بمحاولته الاستيلاء على سوق الصحافة المغربية عبر أشخاص مقربين منه. مدير المجلة يوسف ججيلي مُنح رئاسة تحرير موقع «360» التابع للداكي بهدف الصمت عن إغلاق المجلة، بينما سرِّح الصحافيون والعاملون في «الآن» من دون تعويض، ودعاهم المالكون إلى البحث عن حقوقهم أمام القضاء.
المواقع الإلكترونية لا تزال تشهد تزايد أعدادها، وأبرز الملتحقين بها النسخة الفرنسية المغاربية من موقع «هافينغتون بوست» التي انطلقت قبل أسابيع على رأسها صحافيان سابقان في مجلة «تيل كيل» هما يوسف الزيراوي وحسن حمداني. مجلة «تيل كيل» هي الأخرى أطلقت موقعاً إخبارياً إلكترونياً. سوق الصحافة الإلكترونية لا يزال يعرف الفرز، إذ تزايدت أعداد المواقع الإخبارية بشكل كبير، لكن نسب الزيارات تتركز أكثر فأكثر بين عدد محدود من المواقع التي تعرف شهرة وانتشاراً بين مرتادي الشبكة الإلكترونية. وتظل جريدة «هسبريس» الإلكترونية تتربع على عرش المواقع الإخبارية المغربية.