كأسٌ ستكون موجودة في «استاد الاتحاد» في مانشستر وأخرى في ملعب «أنفيلد رود» في ليفربول. الكأس الأصلية ستكون طبعاً في الملعب الأول بحُكم أفضلية مانشستر سيتي للفوز بلقب الدوري على اعتبار أنه يملك أفضلية النقطة اليتيمة التي يتقدّم بها على ليفربول.لكن الواقع أن الفريق الخاسر للسباق الأخير سيكون مظلوماً، إذ لو استطاع المتابعون من غير محبي المعسكرين تتويج الفريقين سويّاً لكان الحلّ الأنسب والأمثل بالنسبة إليهم.
وهنا الحديث عن استحقاق كلٍّ منهما لقب البطل بعدما ابتعدا عن كل المنافسين الآخرين في «البريميير ليغ»، وفرضا منافسةً ثنائية اتسمت بالأداء الفني الممتع والرفيع المستوى وبالنزعة الهجومية وبالشجاعة الفائقة، وبالدروس التكتيكية والاستراتيجية التي خرجت من أفكار مدربَين عبقريين من دون مبالغة.
الأرقام بطبيعة الحال تحكي قصة تقاربٍ في المستوى بين «السيتيزنس» و«الريدز». أرقامٌ خلقت تشويقاً كبيراً خلال المباريات الـ 37 التي خاضها كلٌّ منهما قبل الغوص في المرحلة الأخيرة من عمر البطولة في نهاية الأسبوع الحالي.
28 انتصاراً لمانشستر سيتي مقابل 27 فوزاً لليفربول، و3 هزائم للأول مقابل خسارتين فقط للثاني الذي تعادل أكثر بمجموعِ 8 مباريات مقابل 6 تعادلات لحامل اللقب.
ووسط هذه الأرقام كان ملعبا الفريقين يعجّان بالنجوم وبمشاهد التألق الجماعي الذي عكس مثالية لعبة كرة القدم، فكان إن سجّل السيتي 96 هدفاً ليكون الأفضل هجوماً بفضل مجموعةٍ متنوّعة الإمكانات من اللاعبين حيث بدا أن كلّهم قادرون على التسجيل، وهو ما ثبُت من خلال حسم المدافعين ولاعبي الوسط على صورة المهاجمين للعديد من المباريات الحساسة.
لو كان بالإمكان تتويج السيتي وليفربول سويّاً لكان الحلّ الأنسب والأمثل


هناك عند «الحمر» كانت المثالية الهجومية حاضرة أيضاً من خلال الأهداف الـ 91 التي سجّلها الفريق، فكان أي ثلاثي في خط المقدّمة حجر الأساس في المقاربة الهجومية للمدرب الألماني يورغن كلوب، والتي قادها بامتياز متصدر هدافي الدوري أي النجم المصري محمد صلاح بـ 22 هدفاً. لكن اللافت أن صلاح و«عصابته» في الخط الأمامي لم يسهموا وحدهم في عملية ضرب الخصوم بكل الأشكال، فإذا كان «أبو مكة» أفضل ممرّر للكرات الحاسمة في الدوري أيضاً بـ 13 تمريرة، فهناك الظهير الأيمن ترينت ألكسندر - أرنولد في المركز الثاني بـ 12 تمريرة، بينما كان نصيب الظهير الأيسر الاسكوتلندي أندي روبرتسون 10 تمريرات حاسمة.
بمختلف الأحوال لم يحتاج الفريقان إلى الكثير من المساعدة أو حتى إلى ركلات الجزاء الكثيرة للتسجيل بحيث اقتصر تسجيلهما من نقطة «البنالتي» على 7 لكلٍّ منهما، فكان معدل «السيتيزنس» ممتازاً بـ 2.59 هدف في المباراة الواحدة مقابل 2.46 لـ «الريدز»، إذ رغم تسديد ليفربول 700 مرة باتجاه مرمى الخصوم مقابل 689 مرة للسيتي، كان الأخير أكثر خطورةً بفارقٍ بسيط، فوصلت نسبة دقة تسديداته إلى 36 في المئة بمجموعِ 249 تسديدة بين الخشبات الثلاث، بينما كانت نسبة ليفربول في هذا الإطار 35 في المئة وبتسديدةٍ واحدة أقل، علماً أن «الحمر» خلقوا «فرصاً أكبر» أكثر بمجموع 93 فرصة مقابل 84 لـ «الأزرق السماوي» الذي أصاب العارضة والقائمَين 24 مرّة مقابل 10 مرات فقط لوصيفه.
دفاعياً، خلقت جماعية ليفربول كتلة متماسكة حافظت على شباكه نظيفة في 21 مباراة من أصل 37، وهو نفس العدد الذي حصده السيتي على هذا الصعيد، لكن الفارق أن فريق المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا كان الأفضل دفاعاً بالأرقام بعدما اهتزت شباكه 24 مرة فقط، بينما اهتزت شباك فريق كلوب في 25 مناسبة.
يا لهما من فريقين رائعين، وخصوصاً «الحمر» الذين حصدوا كأسَين محليتين حتى الآن ولا يزالون يحلمون برباعية فوّت أهم ألقابها السيتي عندما خرج بطريقةٍ دراماتيكية من دوري أبطال أوروبا أمام خصم ليفربول في النهائي الكبير أي ريال مدريد الإسباني.
من هنا، فرض ليفربول احتراماً أكبر لأنه تمكن من البقاء منافساً أساسياً على 4 جبهات، ولو أنه فقد تركيزه جزئياً في بعض المحطات ما منح السيتي أفضليةً بسيطة قبل «الرقصة الأخيرة». لكن أيضاً لا يمكن ظلم فريق «بيب» الذي ظهر غالباً بهيئة البطل، والذي بقي جائعاً للقب الدوري رغم أن الجميع يعلم بأن الهدف الأساس له هذا الموسم كان لقب «التشامبيونز ليغ».
من يستحق اللقب؟ لا جواب، ومن سيفوز به؟ لا جواب أيضاً، بل إن أي فائزٍ سيكون بطلاً مستحقاً يُفترض التصفيق له دون أي اعتراض أو تشكيك.