ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي قبل عام بأخبار إنشاء دوري يجمع فرق النخبة في أوروبا تحت مسمّى «Super League». لاقت الفكرة معارضة شرسة من القيّمين على اللعبة حينها وانتهى الأمر بإفشال المخطط، ولو مؤقّتاً.كان رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز وراء الفكرة، وقد أعلن رفقة حلافائه، على رأسهم رئيس يوفنتوس أندريا أنييلي، عن إنشاء البطولة بعد أن حصلوا على موافقة العديد من الأندية. كان من المقرر أن يشارك 20 نادياً في البطولة بينها 15 من المؤسسين وخمسة فرق أخرى، على أن تقام جميع المباريات منتصف الأسبوع مع مواصلة جميع الأندية المنافسة في الدوريات الوطنية الخاصة بها.
حاول بيريز استرضاء الجماهير وأخبرهم بأن المسابقة الجديدة «ستنقذ كرة القدم»، بينما كان ذلك سينقذ ناديه من كومة الديون المتزايدة. تمثّل الهدف الأساسي من إنشاء البطولة بإدخال عائدات كبرى على الأندية المشاركة خاصةً بعد الخسائر «الفلكية» جراء فيروس كورونا، بحيث يضمن دخول الأعضاء المؤسسين للمسابقة الجديدة عائدات ضخمة في كل موسم بغضّ النظر عن مدى سوء أدائهم المحلي، ما يسمح لهم بالاستفادة من المبالغ النقدية الهائلة. هدفٌ نال سخط المعارضين الذين رأوا بأن السوبر ليغ مجرد «وسيلة» من قبل الأندية الكبرى لكسب المزيد من المال والسيطرة على كرة القدم.
على ضوء ذلك، شعر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالقلق وتحركت بعض الجهات السياسية للحؤول دون إنشاء البطولة، منها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي هدّد بإدخال تدابير تشريعية لوقف المنافسة الجديدة بعد اجتماع مع الرئيس التنفيذي للدوري الإنكليزي الممتاز ريتشارد ماسترز.
من جهته، كانت ردة فعل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قوية، إذ نشر بياناً مشتركاً مع اتحادات كرة القدم والدوريات الإنكليزي والإسباني والإيطالي تضمّن نقداً شديد اللهجة لخطة دوري السوبر الأوروبي وتصريحاً بنية عرقلة هذه الخطة سواء بوسائل رياضية أو قضائية وحرمان الأندية المعنية ولاعبيها من المشاركة في أي بطولة قارية أو عالمية على مستوى الأندية أو المنتخبات.
في النهاية، انتهى الأمر بانسحاب أغلب الأندية المؤسسة خلال 48 ساعة ما ساهم تباعاً في انهيار البطولة قبل أن تبصر النور، واقتصرت العقوبات على أمور «شبه» رمزية مثل تغريم الأندية المؤسسة مقدار 3.6 ملايين جنيه إسترليني لكل منها، على أن يتم خصم 30 نقطة لأي محاولات مستقبلية للانضمام إلى دوري السوبر.
تمرّدت بعض الأندية الكبرى في أوروبا على ما وُصف بديكتاتورية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم


وبعد مرور عام على انتهاء «العاصفة»، يزعم البعض أن الأندية المؤسسة حقّقت هدفها، حيث يواصل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم خططه لتغيير دوري الأبطال بهدف مواجهة أي محاولات لإعادة إحياء مشروع دوري السوبر الأوروبي، وهو ما يتناسب مع مصالح الأندية «الكبيرة».
فرغم إشادة اليويفا ورئيسه ألكسندر تشيفرين بدور المشجعين في إحباط محاولات تشكيل مسابقة دوري السوبر الأوروبي قبل عام تقريباً، يشعر المشجعون بالقلق تجاه العروض الجديدة من يويفا لزيادة عدد مباريات مرحلة المجموعات بدوري أبطال أوروبا من ست إلى 10 مباريات، بدايةً من عام 2024 وحجز مقعدين مؤهلين إلى البطولة بناءً على الأداء التراكمي في المسابقات الأوروبية بدلاً من الإنجاز المحلي، ما سيخدم الأندية الغنية ويُلحق الضرر بالمسابقات المحلية.
مع تمسك الثلاثي ريال مدريد، برشلونة ويوفنتوس بمشروع السوبر ليغ، قامت اليويفا ورابطة الأندية الأوروبية بتطوير بطولة دوري أبطال أوروبا واستقر الأمر على زيادة عدد الأندية المشاركة في مرحلة دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا إلى 36 فريقاً.
ستتأهل الفرق الـ32 كما هو معتاد من خلال احتلال المراكز الخاصة بكل دوري في القارة الأوروبية، وفيما يخص المقاعد الأربعة الأخرى، فإن اليويفا يدرس منح مقعدين للفرق صاحبة التاريخ الطويل في البطولة، والتي لم تحتل مراكز مؤهلة إلى المسابقة، بشرط أن يتم اختيارها على أساس نتائجها في آخر 5 مواسم قبل انطلاق الموسم الجديد لدوري الأبطال. بالنسبة إلى المقعدين المتبقييْن، فإن أحدهما سيذهب إلى الفريق صاحب المركز الخامس في الدوري الذي يحتل المرتبة الخامسة بين الأفضل في أوروبا، على أن يكون المقعد الأخير من نصيب المتأهل من مسار التصفيات.
هكذا اتهمت مجموعات جماهيرية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بعدم التواصل معها بشأن مقترحات إصلاح دوري الأبطال، والسعي من باب خلفي لإنشاء دوري السوبر الأوروبي. فبمجرد إنشاء البطولة المكوّنة من 36 فريقاً، من غير المرجح أن تفوّت الأندية المؤسسة دوري أبطال أوروبا مجدداً ما يعني حصولها على امتياز بالعائدات على حساب الفرق الأخرى، وهو ما يتماثل مع جوهر السوبر ليغ.