ضرب فيروس كورونا قطاع كرة القدم وكشف المستور، حيث أظهرت الجائحة مدى هشاشة الوضع المالي خلف أسوار العديد من أندية النخبة، بفعل انخفاض عائدات الملاعب والنقل التلفزيوني. وفي ظل الأوضاع المالية المتردّية، ارتأت مجموعة من كبار الأندية الأوروبية بأن الحل الأمثل لاحتواء الخسائر يكمن في إقامة دوري منفصل، على أن يضم أبرز الأندية المشاركة في الدوريات الخمسة الكبرى تحت مسمى «سوبرليغ».كان لافتاً قيادة عملاقَي الليغا، ريال مدريد وبرشلونة، للمشروع الضخم، الأمر الذي دلّ على وضعهما المالي الصعب. ورغم إصرارهما على إقامة البطولة، لم يبصر مشروع «سوبرليغ» النور، حيث تبدّدت المساعي على عتبة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا»، الذي وعد بدوره باتباع بعض الإجراءات لتخفيف الضيق المالي عن مختلف الأندية، والحؤول بالتالي دون إفلاسها. برز من تلك الإجراءات إبرام عقود لبيع نسب من الأعمال التجارية الخاصة بالدوريات لمصلحة شركات خاصة، كما الحال في الدوري الإسباني.
وفي هذا الإطار، سبق أن أعلنت رابطة «الليغا» عن توصلها إلى اتفاق مبدئي مع صندوق الأسهم الخاصة «سي في سي» لبيع 11% من أعمالها التجارية، بما يتضمّن الحقوق السمعية والبصرية للمسابقة، لمدة خمسين عاماً، مقابل ضخّ مبلغ مالي يُقدر بـ2.7 مليار يورو على شكل قرض ميسّر، وذلك لتعزيز النمو الشامل لرابطة الدوري وأنديتها. وأشار بيان الرابطة حينها إلى أن حوالى 90% من الـ2.7 مليار ستذهب إلى الأندية للإنفاق على مشاريع البنية التحتية والتحديثات الجديدة بالإضافة إلى زيادة المبالغ المخصّصة للإنفاق على اللاعبين، ما قد يساعدها على الخروج من أزماتها الاقتصادية. ونال الاتفاق المبدئي دعم 39 نادياً في القسمين الأول والثاني في إسبانيا مقابل معارضة ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيك بلباو، إضافةً إلى ريال أوفييدو من الدرجة الثانية، ما أدى إلى اتفاق جديد مع صندوق «CVC» ينص على ضخّ 2.1 مليار يورو فقط واستبعاد الأندية المعارضة.
تحاول بعض الشركات العملاقة استغلال مشاكل الأندية المالية لتسيطر عليها لمدة 50 عاماً


في هذا الصدد، كتبت الأندية الثلاثة من الدرجة الأولى رسالة إلى بقية أندية الدوري الإسباني تقترح عبرها خطة استثمار تحت مسمّى «Project Sustainable» (المشروع المستدام) على أن تكون بمثابة البديل الممتاز لصفقة الدوري الخاصة مع «سي في سي» كابيتال بارتنرز. يشمل الاقتراح الجديد مشاركة كلّ من «JP Morgan» و«Bank of America» و «HSBC» لإقراض الأندية حوالى 2 مليار يورو بتكلفة تُراوح بين 2.5% و 3% فائدة طيلة 25 عاماً، على أن تكون هناك دفعة سنوية ثابتة قدرها 115 مليون يورو بحسب ما أظهرته وثيقة اطّلعت عليها «رويترز» وأكّدها تقرير لصحيفة «فاينانشال تايمز».
وتوضح الرسالة أن البديل المحتمل سيكون «أرخص بـ15 مرة» حيث سيكلف الأندية 900 مليون يورو فقط على مدار 25 عاماً، مقارنةً بتكلفة 13.1 مليار يورو على مدى 50 عاماً مع ترتيب CVC. ونشرت الأندية الثلاثة تفاصيل الاقتراح على مواقعها الإلكترونية يوم الجمعة، مشيرةً إلى أن خطة الليغا «ستضرّ بمستقبل كرة القدم لدينا» أما البديل المقترح فهو «مستدام ومنطقي وقانوني». بموجب شروط Project Sustainable، «لا يتم انتهاك الملكية المباشرة للأندية على الحقوق السمعية والبصرية، ولا يتم منح أي كيانات خارجية حق الوصول إلى إدارة La Liga».
من جهته، ردّ رئيس الدوري الإسباني خافيير تيباس برسالةٍ إلى الأندية يوم الجمعة وصف فيها الاقتراح بأنه «محاولة لكسر الإجماع وإحداث حالة من عدم اليقين بهدفٍ وحيد هو حماية المصالح الأنانية للقلّة مقابل المنفعة المشتركة للأغلبية»، واعتبر أن الشراكة مع CVC ليست مجرد عملية مالية، ولكنها «مشروع استراتيجي لضمان النمو على المدى المتوسط ​​والطويل».
ويعتبر ريال مدريد أن الاتفاق مع CVC يشكل «اختلاساً» لأصول تخصّ النادي. لذا، أعلن النادي الملكي عن تحريك دعوى قضائية ضد خافيير تيباس وصندوق CVC الاستثماري الخاص بعد الاتفاق بينهما بشأن خطة الاستثمار المقترحة، مؤكداً عبر موقعه الرسمي موافقة مجلس الإدارة بالإجماع على اتخاذ إجراءات قانونية مدنية وجنائية ضد الطرفين لإلغاء الاتفاقيات المحتملة.
تجدر الإشارة إلى عزم اللجنة التنفيذية لرابطة الدوري الإسباني على إبرام الصفقة مع صندوق CVC، على أن يكون التصويت النهائي في 10 ديسمبر/ كانون الأول.