ضرب فيروس كورونا مختلف القطاعات حول العالم، وكرة القدم ليست استثناءً. خسائر فادحة تكبّدتها اتحادات الكرة أدّت إلى إفلاس بعض الأندية إضافةً لدخول أخرى بضائقة مادية كبيرة. وفي ظل الانهيار المالي الضخم، تم إعادة هيكلة الأندية بطرقٍ وأساليب مختلفة، حيث اتجهت بعض الإدارات لتقليل النفقات عبر بيع نجوم الفريق والتخلّص من الأجور الكبيرة مقابل الحصول على مبالغ تواجه من خلالها الخسائر الفادحة، في حين غيّرت أندية أخرى نظام استقدام اللاعبين لتعتمد على الإعارة والمبادلة. حاولت بعض الفرق «التمرّد» على الأعراف، فقامت، ممثلةً برؤسائها، بطرح إنشاء بطولة مستقلة تحت مسمّى «سوبر ليغ» تدرّ عائدات ضخمة نظراً لاحتوائها فرق النخبة الأوروبية، لكن عملية إطلاقها أُجهضت من قبل القيّمين على اللعبة.بعد ذلك، وفي محاولةٍ للرد على دوري السوبر الأوروبي إضافةً لإثبات الوجود، اتّفق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «اليويفا» مع عدد من البنوك والشركات الاستثمارية على إنشاء صندوق إغاثة ودعم تقدّر قيمته بـ7 مليارات دولار من أجل مساعدة الأندية الأوروبية التي تقع تحت عبء الديون منذ بداية الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا. قدّم اليويفا محتويات المشروع إلى الأطراف المعنية عن طريق الرابطة الأوروبية للأندية، موضحاً بأن الصندوق سيقدّم خدماته للأندية المشاركة في المسابقات الأوروبية، على أن تكون معدّلات الفائدة أقل بكثير مما تحصل عليه البنوك عادةً (قال أحد المصرفيّين إن التمويل سيكون «رخيصاً جداً» بالنسبة للنادي، وقدّر مصرفي آخر سعر الفائدة بنسبة 2٪). ثم أشار إلى عدم استهداف الصندوق إنقاذ الأندية الكبرى من عثرتها فحسب، وإنما أيضاً تنشيط سوق الانتقالات الذي تأثّر كثيراً بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي الجائحة.
تأتي هذه الإجراءات في لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة إلى الرياضة الشعبية الأولى في العالم، وذلك بعد تعطيل الوباء لأكبر مسابقاتها الأوروبية. سبق وأن حذّر رئيس اليويفا ألكسندر تشيفرين من أن الكرة الأوروبية تواجه «واقعاً مالياً جديداً» في ظل انكماش السوق. ووفقاً لتقريرٍ نشرته أكبر شركة خدمات مهنية في العالم «Deloitte»، تراجعت إيرادات الأندية التقليدية بنسبة 13%، أي ما يقرب من 25.2 مليار يورو منذ بداية الأزمة المالية في موسم 2019-2020.

المصارف تتسابق
وبعد أشهرٍ من الطرح الهادف للحد من نزيف الأندية المالي، بدأت معالم التنفيذ تظهر أخيراً. بحسب صحيفة «Financial Times»، تحاول مجموعة من المؤسسات المالية أن تلعب دوراً في صندوق الإغاثة، حيث يتنافس كل من بنك «Macquarie» و «Goldman Sachs» وشركة الأسهم الخاصة «Apollo» للمشاركة في برنامج التمويل الجديد. مقرض آخر يسعى لأن يكون جزءاً من الصندوق هو «UniCredit»، لكن مصادر متابعة قالت إن البنك الإيطالي لم يقدّم عرضه بعد، في حين تفاوض «سيتي غروب» على تمويل صندوق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان البنك الأميركي سيقدّم عرضاً للحصول على مكان في المشروع قبل الموعد النهائي، بحسب ما أشار إليه مصرفيّ مطّلع.
تراجعت إيرادات الأندية التقليديّة بنسبة 13% أي ما يقرب من 25.2 مليار يورو منذ بداية الأزمة المالية في موسم 2019-2020


يسعى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى جمع مبلغ مليارَي يورو في التمويل الأوّلي، والذي سيتوسع ما بين 6 إلى 7 مليارات يورو مع مرور الوقت، على أن يتم توزيع الأموال على أفضل الفرق المشاركة في مسابقات ضخمة، مثل دوري أبطال أوروبا. هكذا، سيتسنّى للأندية إمكانية الحصول على أموال بمعدّلات اقتراض منخفضة، كما أنها ستكون قادرة على إعادة هيكلة الديون الحالية لفتراتٍ أطول (من خمس إلى سبع سنوات).
تُظهر خطة التمويل أيضاً أن سلطات اللعبة ومنظميها يرغبون بشكلٍ متزايد في الحصول على المال نيابةً عن فرقهم، ويسعون لإبرام شروط أفضل مما يمكن أن تحققه الأندية الفردية نفسها. ليس من الواضح ما إذا كانت الأموال الجديدة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم قد تمّ جمعها من خلال الاكتتاب الخاص أو إصدار السندات أو القروض، رغم اتصاف هيكلها بالدرجة الاستثمارية من أجل الحصول على تمويل منخفض التكلفة بالنسبة للأندية.

فوائد وقيود
سوف تساهم الأموال الوفيرة بمساعدة العديد من الأندية للنهوض مجدداً، لكنها لن تسمح بتعزيز أفضلية بعض الأندية «المتعافية» على صعيد التعاقدات. لم يتمكن نادي برشلونة الإسباني من العثور على الأموال اللازمة للحفاظ على نجم الفريق الأول ليونيل ميسي، الأمر الذي أدى إلى توقيعه عقداً مع نادي باريس سان جيرمان الفرنسي. وللحؤول دون اكتساب الأندية «الثرية» ميزة غير عادلة في الدوريات الأوروبية، يسعى يويفا إلى وضع حدود جديدة لرواتب اللاعبين.