كان من المفترض أن تشكّل عودة الجماهير إلى ملاعب كرة القدم في فرنسا مناسبة احتفالية بعدما غاب المشجّعون عن المدرجات طيلة عام بسبب تداعيات فيروس كورونا، لكنّ أعمال الشغب أرخت بظلالها وعكّرت الفرحة بعودة اللاعب "الثاني عشر" إلى المباريات.لطالما اعتُبر الجمهور ركناً أساسياً في الرياضات، ولا سيما كرة القدم التي تُعتبر اللعبة الشعبية الأولى في العالم، لكن ما شهدته فرنسا في مستهل الموسم الجديد من "ليغ 1" خطف الأضواء وتصدّر العناوين ليصبح حديث الساعة أكثر من وصول لاعب من طراز الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى الدوري للدفاع عن ألوان باريس سان جيرمان الذي يحلق في الصدارة بفارق 7 نقاط عن أقرب ملاحقيه بعد 7 مراحل فقط نتيجة فوزه بجميع مبارياته حتى الآن.
وقبل زيارة مانشستر سيتي الإنكليزي وصيف بطل العام الماضي للعاصمة الفرنسية الثلاثاء للقاء سان جيرمان في دوري الأبطال في لقاء يسعى من خلاله فريق المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو إلى تعويض تعثره في الجولة الأولى أمام كلوب بروج البلجيكي (1-1)، يأمل نادي العاصمة إضافة مونبلييه اليوم السبت إلى ضحاياه المحليين حين يستضيفه على ملعبه.
ونأى جمهور سان جيرمان حتى الآن بنفسه عن مظاهر الشغب التي تواصلت الأربعاء، حين اجتاحت مجموعة من المشجّعين أرضية الملعب خلال مباراة أنجيه ومرسيليا ثاني الترتيب الحالي (صفر-صفر)، في وقت تعرّضت حافلة لمشجعي بوردو للرشق بالحجارة خلال توجّههم لحضور مباراة فريقهم ومضيفه مونبلييه (3-3)، ما أدى إلى تعرض 16 منهم لإصابات طفيفة.
وهاتان الحادثتان حصلتا بعد أعمال الشغب التي رافقت أيضاً دربي الشمال في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بين لنس وليل حامل اللقب (1-صفر) ما أدى إلى تأخير انطلاق الشوط الثاني.
وتدخّلت شرطة مكافحة الشغب عندما اقتحم العشرات من مشجعي لنس أرضية الملعب بين الشوطين لمواجهة مشجعي ليل، ما أدى إلى مبارزة في رمي المقاعد بين الطرفين من فوق الجدار الفاصل بينهما.
وعوقب لنس الذي يحل ضيفاً غداً الأحد على مرسيليا في مواجهة قوية بين رابع وثاني الترتيب حالياً، بأن يلعب مبارياته البيتية خلف أبواب موصدة حتى إشعار آخر، ما سيحرمه من الجماهير التي تخلق عادةً أجواء رائعة في ملعب "بولارت-ديليليس".
وكان نيس الذي يحقق نتائج جيدة في مستهل مشواره مع مدرب ليل السابق كريستوف غالتييه والذي يحل السبت ضيفاً على سانت إتيان، أول الفرق التي تدفع ثمن أعمال الشغب هذا الموسم بحسم نقطة من رصيده بعد توقف مباراته أمام غريمه المتوسطي مرسيليا في 22 آب/أغسطس.
كما عوقب نيس بخوض ثلاث مباريات بيتية خلف أبواب موصدة في "أليانز ريفييرا".
وستعاد المباراة بين الجارين في 27 تشرين الأول/أكتوبر على ملعب محايد، فيما أُوقف مدافع مرسيليا الإسباني ألفارو غونساليس الذي ألقى الكرات في اتجاه جمهور نيس، لمباراتين، كما أُوقف زميله ديميتري باييت مباراة واحدة مع وقف التنفيذ.
وتوقّفت المباراة في الدقيقة الـ 75 بعدما تعرض باييت الذي كان يستعد لتنفيذ ركلة ركنية، لهجوم من "ألتراس" لفريق نيس حيث أصيب في ظهره بقارورة ماء بلاستيكية، أعاد إلقاءها على الجماهير.
واجتاح العشرات من مشجّعي فريق نيس الملعب ما تسبّب في شجار بين المشجعين ولاعبي الفريقين وأعضاء إدارة الناديين.
وشجب وزير التربية الوطنية والشباب والرياضة جان ميشال-بلانكيه في مقابلة مع قناة "أل سي إي" مظاهر الشغب بعد الذي حصل في أنجيه من أحداث أدّت إلى اعتقال شخصين الخميس.
ورأى أن "بعض الأندية نجحت في السابق بوضع حد لهذه الأعمال الهمجية غير المقبولة. هناك أشخاص يجب منعهم من دخول الملاعب في المستقبل بسبب هذا السلوك".
وتابع: "نحن بحاجة إلى أن نكون حازمين. هؤلاء الناس يضرون بصورة هذه اللعبة".
ومن المؤكد أن هذه الأحداث تضرّ بصورة كرة القدم الفرنسية التي تسعى للاستفادة من وصول ميسي إلى سان جيرمان، ما عزّز مكانة نادي العاصمة بين كبار القارة العجوز في ظلّ وجود لاعبين كبار آخرين أيضاً مثل البرازيلي نيمار، كيليان مبابي، الوافد الجديد الإسباني سيرخيو راموس الذي لم يخض حتى الآن أي مباراة بسبب الإصابة، الإيطالي ماركو فيراتي بطل أوروبا هذا الصيف مع بلاده، أو الوافد الجديد الآخر المغربي أشرف حكيمي الذي منح فريق بوكيتينو الفوز السابع بتسجيله الهدفين أمام متز (2-1)، ثانيهما في الوقت بدل الضائع حين كان التعادل سيد الموقف.
وسُمح للجماهير بالعودة إلى المباريات هذا الموسم دون قيود مرتبطة بالعدد المسموح به، لكن شرط أن يثبت الحاضرون بأنهم تلقوا جرعتَي اللقاح ضد "كوفيد-19" أو أن يقدموا نتيجة سلبية لاختبار أجري قبيل المباراة.
وبدأت المشاكل منذ المرحلة الافتتاحية عندما أصيب لاعب مرسيليا فالنتان رونجييه بزجاجة على رأسه في ملعب مونبلييه، ما أدى إلى توقف المباراة لعشر دقائق.
ويمكن تفسير ما يحصل من شغب بهذه الوتيرة إلى محاولة من المشجعين للتخلص من الإحباط المكبوت الذي تسبّبت به قيود فيروس كورونا، إلا أنها نظرية غير دقيقة لأن مثل هذه الأمور لا تحصل في الدول الأوروبية المجاورة رغم أن جمهورها عانى طيلة عام من ظروف مماثلة.