عند ذكر إدارة تشيلسي، لا بدّ من ذكر مارينا غرانوفسكايا. «المرأة الحديدية» التي شقّت مسيرتها المهنيّة مع مالك النادي اللندني «الحوت الروسي» رومان أبراموفيتش، أثبتت موسماً بعد آخر مدى حنكتها في إدارة الفريق، وذلك عبر تميّزها بقوّة الإقناع وسرعة البديهة في إدارة المفاوضات واتخاذ القرارات. برز دور مارينا أكثر في النادي بعد رحيل رون غورلي المدير التنفيذي السابق، إذ خلفته في مهامّه بعد أن أمضى عشر سنوات تحت قيادة رومان ابراموفيتش، كما تجلّى دور غرانوفسكايا إثر رحيل المدير الرياضي مايكل إيمينالو لتترأّس بذلك إدارة نادي تشيلسي. مارينا هي المسؤولة عن ملف التّعاقدات ولها الكلمة الأولى والأخيرة في ذلك، الأمر الذي يعكس مدى حجم صلاحية الروسية داخل أسوار ستامفورد بريدج.
نجحت مارينا في إنهاء سوق الانتقالات هذا الصيف بصورة مثالية (أ ف ب )

مع مرور المواسم، أثبتت مارينا مدى حنكتها في تأمين الصفقات الكبيرة، كما أظهرت قدرتها على جني ثروة من اللاعبين الذين لا يخدمون النادي. الخطة بدأت عبر التخلي عن المعارين واللاعبين الذين اعتادوا الحضور على دكة البدلاء، وهو الأمر الذي وضع الفريق في موقفٍ قوي هذا الصيف، ما سمح للمدرب الألماني توماس توخيل بتحطيم رقم النادي القياسي لاستقدام المهاجم روميلو لوكاكو، مع وجود قلب دفاع من الدرجة الأولى ومتوسط ميدان خبير على قائمة طلبات المدرب الأفضل في أوروبا.
سجّلت مارينا نقاطاً كثيرة هذا الصيف، فرغم دفع 97.5 مليون جنيه إسترليني لاستقدام لوكاكو، تمكّن تشيلسي من تعويض هذه الرسوم بالكامل من خلال المبيعات، كما حقّق النادي عائداً إيجابياً وهو ما عكس قوة الإدارة وتميزها في عالم كرة القدم. وبعد بيعه المدافع كورت زوما إلى وست هام مقابل 35.3 مليون دولار، بلغت قيمة مبيعات تشيلسي هذا الصيف 181.4 مليون دولار إثر بيع 10 لاعبين، أبرزهم المهاجم الإنكليزي تامي أبراهام مقابل 49.4 مليون دولار، المدافع الإنكليزي فيكايو توموري مقابل 36.1 مليون دولار إضافةً إلى اللاعب مارك غيّيه الذي انتقل إلى كريستال بالاس مقابل 28.8 مليون دولار. هكذا، درّت مبيعات اللاعبين «غير الفعّالين» عائدات ضخمة على خزينة النادي التي كانت ممتلئة مسبقاً إثر عائدات دوري أبطال أوروبا، ما جعل تشيلسي قادراً على إبرام بعض الصفقات قبل إغلاق السوق في 31 أغسطس/آب.
برز دور مارينا أكثر في النادي بعد رحيل رون غورلي المدير التنفيذي السابق


لا تزال إدارة تشيلسي تعمل للتوقيع مع لاعبين قبل إقفال السوق، حيث ينصبّ التركيز على ساؤول نيغيز وجولز كوندي. فبعد استقدام المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، يتطلع تشيلسي الآن إلى تجنيد لاعب وسط ومدافع مركزي لتعزيز المنظومة قبل إغلاق فترة الانتقالات الصيفية.

مهمّة صعبة
الأمور ليست سهلة نظراً إلى متطلبات أندية اللاعبين إضافةً إلى «الزحمة» في منظومة توخيل، غير أن المؤشرات العامة تجعل كل شيء ممكناً. عانى توخيل الأمرّين في فترة التحضيرات الصيفية، إذ كانت له كلمة رئيسية في اختيار من يبقى ومن يرحل. كانت موارد توخيل ضخمة جداً عندما عاد جميع لاعبيه للتدريب قبل انطلاق الموسم، لدرجة أنه اضطر إلى فصل اللاعبين إلى مجموعات مع الحفاظ على فريقه الأساسي من الموسم الماضي لبعض التدريبات الخاصة، بينما تدرّب العائدون من الإعارة بمفردهم. التخلي عن عدد هائل من اللاعبين دفعة واحدة مع احتمالية رحيل المزيد في الساعات المقبلة مثل روس باركلي وروبن لوفتوس - تشيك سيؤمّن «فسحة» أكبر لكوندي وساؤول، إذا ما توصل تشيلسي إلى اتفاق مع ناديَيْهما.
سبق وأن أعرب ساؤول عن رغبته في مغادرة أتلتيكو مدريد، وكان تشيلسي ومانشستر يونايتد في السباق للحصول على اللاعب. قدّم متوسط الميدان الإسباني موسماً رائعاً حيث ساهم بتتويج فريقه في بطولة الدوري المحلي. وعلى الجهة الأخرى، برز كوندي كأحد أفضل المدافعين الواعدين في أوروبا رفقة اشبيلية الإسباني، غير أنّ ظهور تريفوه شالوباه في دفاع «البلوز» تسبّب في بعض المتاعب للمدرب الألماني، حيث أصبح لدى تشيلسي الآن خمسة خيارات في مركز قلب الدفاع، ما يعني أن صفقة كوندي يمكن أن تتوقف نظراً إلى عدم حاجة الفريق إلى لاعب في هذا المركز.
نجاح تشيلسي في احتلاله المركز الرابع في الموسم ما قبل الماضي رغم حرمان النادي من إبرام الصفقات حينها، إضافةً إلى نجاحه في استقدام اللاعبين الملائمين للتتويج ببطولة دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي يعكسان مدى حنكة الإدارة بقيادة مارينا. العمل الرائع الذي ظهر هذا الصيف أيضاً رغم تداعيات الفيروس المستجد يظهر بأن الفريق مكتمل إدارياً وفنياً، وهو ما يجعله مرشحاً فوق العادة للمنافسة على الألقاب المحلية والأوروبية.