بعد احتكاره أغلب البطولات المحلية خلال العقد الماضي، كبرت تطلعات نادي يوفنتوس وأصبح الهدف مركّزاً على دوري الأبطال. "السكوديتو" أصبح تحصيلَ حاصلٍ، بات "مملاً" بالنسبة إلى الإدارة والجماهير. هكذا، اتجه القيّمون على النادي لاتخاذ خطواتٍ جديدة تصبُّ نظرياً في مصلحة الهدف المنشود، غير أن الواقع يعكسُ مدى سوء النظرة إثر عدم ملاءمة التطلعات مع النتائج خلال السنوات القريبة الماضية.نجومٌ كبار تم التعاقد معهم في الفترة الأخيرة، ووصلوا إلى يوفنتوس للظفر بدوري الأبطال، أبرزهم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ولكن دون جدوى. مدربون كُثر من أصحاب الخبرات وآخرون يمتلكون أسلوب لعب يناسب متطلبات الكرة "العصرية" حطوا رحالهم في ملعب الأليانز، ولكن من دون أي فائدة. تغييرات إدارية وإعادة هيكلة للاعبين مقابل الاستثمار في المواهب الشابة، كل هذه الإجراءات صبّت في هدف واحد وهو معانقة دوري الأبطال من جديد، غير أن الواقع رفض كل هذا. يوفنتوس خارج البطولة الأوروبية "الأسمى" مرةً أخرى، كما أنه ليس مرشحاً أساسياً للفوز بالدوري الإيطالي هذا الموسم.
خرج يوفنتوس من الدور الـ 16 على يد بورتو البرتغالي في منتصف الأسبوع. رغم فوزه في المباراة بنتيجة 3-2 أمام الضيف المنقوص عددياً، والذي لعب 80 دقيقة (أي تقريباً مباراة كاملة) بـ 10 لاعبين. تأهّل بورتو إلى دور ربع النهائي استناداً إلى أفضلية الأهداف خارج الديار. عامٌ جديد يخيّب به اليوفي آمال جماهيره، ويطرح العديد من الأسئلة حول أداء الفريق على المستوى الأوروبي.
خلال الموسم الماضي، حلّ المدرب الإيطالي ماوريسيو ساري على رأس العارضة الفنية ليوفنتوس، علّ فلسفته الهجومية تعود على النادي بدوري الأبطال. أداء هشّ قدّمه الإيطاليون حينها، أدى الى خروج اليوفي من الدور الـ 16. رغم تتويجه بلقب الدوري الإيطالي، قامت الإدارة بإقالة ساري وعيّنت مكانه أندريا بيرلو في خطوةٍ صدمت الوسط الرياضي، نظراً إلى خلو مسيرة لاعب يوفنتوس السابق من أي تجربة تدريبية تُذكر.

أزمة لاعبين
قام الفريق باستثماراتٍ كثيرة خلال الصيف، حيث غيّر العديد من العناصر وخفّض معدّل الأعمار تبعاً لسياسة إعادة الهيكلة على المدى البعيد. ما كان لافتاً، هو سوء توزيع الصفقات سواء هذا الصيف أو في الموسم الماضي، حيث لم تعط الإدارة الكثير من الأهمية لخط الوسط مقارنةً بخطَّي الدفاع والهجوم.
عوّلت الإدارة على استبدال آرثر ببيانيتش، غير أن آرثر عانى من تداعيات اختلاف أجواء الدوري عليه، كما كان ضحيةً لإصاباتٍ طويلة الأمد ما حال دون ظهوره بالشكل المطلوب. ماكيني هو الآخر لم يتأقلم جيداً. رغم إظهار الشاب الأميركي بعضاً من اللمحات الفنية الواعدة، غير أنه لا يزال حتى اللحظة بعيداً كل البعد عن حمل وسط الفريق على عاتقه.
يبقى مستقبل رونالدو غامضاً جداً مع الفريق في ظل الأزمات المتلاحقة


من بين المشاكل التي تواجه الفريق فنياً أيضاً، هو النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو. ظهر جلياً في مباراة الإياب أمام بورتو عدم فاعلية اللاعب البرتغالي، حيث عانى نجم يوفنتوس من عدم انسجامه مع خط الوسط الذي كان "عقيماً" في عملية صناعة الفرص. أغلب الكرات جاءت من العرضيات، وهو أسلوب لم يعرف نجاحاً أمام تكتلات بورتو الدفاعية في الخلف.
جاء كريستيانو قبل ثلاثة مواسم إلى يوفنتوس بهدف تحقيق دوري الأبطال، وفي ظل فشله في ذلك حتى اللحظة، من الممكن أن يرحل اللاعب عن الفريق قريباً جداً. السنة المقبلة هي الأخيرة في عقد اللاعب البرتغالي والمستقبل ضبابي حول مصيره. يجد يوفنتوس صعوبة في تجديد عقده الذي يكلّف ما يقارب السبعين مليون يورو بالمجمل. وفي ظل المعوّقات المالية والمشاكل العاصفة بالنادي، يبقى مستقبل رونالدو غامضاً جداً.

مدرب متواضع
بعيداً عن اللاعبين، يتحمّل المدرب أندريا بيرلو جزءاً من المسؤولية. الرسم التكتيكي المعتمد في أغلب المباريات يدل على مدى افتقار بيرلو للخبرة التدريبية، كما لو أنه لا يزال متدرباً وليس رئيساً للجهاز الفني. أفكارٌ "بسيطة" يقدمها المدرب الشاب لا تعد بالكثير، باستثناء بعض المباريات اللافتة التي وضع فيها خططه، أبرزها ضد إنتر ميلانو في كأس إيطاليا. عدم القراءة الفنية الجيدة للخصم والتركيز على الحلول الفردية والعرضيات العشوائية، كل ذلك كلّف يوفنتوس دوري الأبطال، كما أنه قد يكلّفه لقب الدوري.
لعبت الإصابات دوراً بارزاً أيضاً في سوء أداء الفريق، تحديداً في خط الدفاع حيث ساهمت الإصابات المتكررة لبونوتشي، دي ليخت وكيليني في اعتماد بيرلو على ألكس ساندرو وديميرال في خط الدفاع. التوظيف الاضطراري الخاطئ للاعبين تكرر في مركز الوسط أيضاً حيث شغل دانيلو مركز الوسط في العديد من المباريات نظراً إلى كثرة الإصابات. زاد الأمر سوءاً الإجهاد المستمر بسبب زحمة المباريات جراء تداعيات فيروس كورونا، والذي فشل بيرلو في احتوائه عبر سوء عملية التدوير، ما أدى إلى إجهاد اللاعبين وخفض مردودهم، كما تعرضهم للإصابات. يوفي في قلب الخطر، فنياً ومالياً. الخروج الباكر من دوري الأبطال يعني خفض الإيرادات الأوروبية وبالتالي عدم القدرة على الاستمرار دون تقليص الأجور أو التخلي عن بعض اللاعبين في زمنٍ تقلّ فيه المداخيل إلى خزائن النادي. الفريق تائه منذ رحيل المدرب الأسبق ماسيميليانو أليغري، الذي شهد على آخر تشكيلة "ذات هوية" ليوفنتوس.
البيانكونيري يغرق، والتطلعات انحصرت محلياً بعد الفشل الأوروبي. سوف يحارب اليوفي على لقب الدوري الآن كي يخفف من وطأة "المصيبة"، بانتظار تحركات رئيسه أنييلي في الصيف المقبل.




اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا