ما إن سجّل هدفين في مرمى إشبيلية الإسباني مساء الأربعاء الماضي حتى خرج النروجي إيرلينغ هالاند ليعلنها بوضوح: "كان عليّ أن اسجّل بعدما وقّع كيليان مبابي على ثلاثية في الليلة الماضية".كلامٌ واضح وصريح من قبل هدّاف بوروسيا دورتموند الألماني الذي أعلن انطلاق المعركة مع نجم باريس سان جيرمان الفرنسي، والهدف طبعاً هو لقب أفضل لاعب في العالم، إذ يبدو النجمان الشابان من أبرز المرشحين للدخول في هذا الصراع السنوي بعد نهاية حقبة النجمين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو.
طبعاً قد يحرج هالاند ومبابي، الثنائي الأفضل في الأعوام الـ15 الأخيرة تقريباً، حتى قبل اعتزالهما، بالنظر إلى أدائهما الفردي الرائع، لكن إمكاناتهما الكبيرة تجعلهما بحسب المراقبين أكثر اللاعبين قدرةً على خلق صراعٍ ثنائي جديد على عرش الأفضل في العالم، تماماً على صورة ما فعله ميسي ورونالدو حيث تنازلا نادراً عن الكرة الذهبية أو جائزة "الفيفا" منذ بداية حصد أحدهما لإحدى هاتين الجائزتين في عام 2007.
والكلام هنا عن النجومية لا ينحصر فقط بالجائزة التي ذهبت إلى البولندي روبرت ليفاندوفسكي عن جدارة واستحقاق، بعدما كان في صلب إنجازات بايرن ميونيخ الألماني صاحب السداسية التاريخية من الألقاب المتنوّعة، فالنجومية هي أيضاً في تأثير النجوم في نفوس الجماهير من خلال شخصياتهم وقدراتهم على شدّ الأنظار، وهو ما ميّز ميسي ورونالدو عن غيرهما من النجوم الذين تُوّجوا باللقب الفردي الكبير، فقد تحوّلا إلى وجهين إعلاميين بارزين وحصدا ملايين الدولارات واستحوذا على قلوب الملايين حول العالم.
قد يحرج هالاند ومبابي الثنائي الأفضل أي ميسي ورونالدو قبل اعتزالهما اللعبة


الحرب الجديدة
إذاً هالاند ومبابي هما اليوم اكثر موهبتين تسيران في طريق التطوّر، وأكثر لاعبين شابين يملكان شخصيّة قوية في الملعب وخارجه لدرجةٍ لا يمكن تصديق أن عمر الأول 20 سنة، وعمر الثاني 22 سنة فقط، وهي مسألة تؤكدها طريقة تأثيرهما في المجموعة في كل فريقٍ يلعبان له، حيث أصابا النجاح بشكلٍ سريع.
هالاند يملك قدرات جسمانية هائلة، وهذا الجسد مكّنه من التحوّل إلى ماكينة تهديفية مرعبة منذ خطواته الأولى في عالم الكرة. أرقامه تبدو مرعبة فعلاً، إذ بعد تسجيله 29 هدفاً في 26 مباراة مع ريد بُل سالزبورغ النمسَوي، انتقل إلى بوروسيا دورتموند الألماني، ليترك بصمةً سريعة متخطياً ما فعله سابقاً، إذ سجّل حتى الآن 33 هدفاً في 32 مباراة بقميص الفريق الأصفر العريق. وإلى جانب حسّه التهديفي، هناك ميزة تعطيه الأفضلية على أي لاعب ليكون الأفضل على الإطلاق، وهي ثقته العالية بنفسه، فيبدو على صورة السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، الذي ربما كان سيئ الحظ لأنه ظهر في عهد ميسي ورونالدو فكان من الصعب عليه سحب البساط من تحت أقدامهما. وهالاند يمكنه بالتأكيد أن يصبح أفضل من زلاتان فنياً ولو أن انطلاقتهما تبدو متطابقة إلى حدٍّ كبير حيث تألق السويدي في بداياته مع اياكس أمستردام الهولندي قبل انتقاله إلى البطولات الكبرى.
هو فعلاً يشبه "السلطان" ويملك شيئاً من رونالدو أيضاً لناحية عشقه للتحدّي والظهور بصورة الأفضل دائماً، إذ لا يخفى أن الـ "سي آر 7" كسب إصراراً غريباً جراء منافسة ميسي له بشكلٍ دائم، إذ كان هناك شعورٌ سائدٌ بأنه يسعى في كل مرّة لتحقيق الأرقام وتسجيل الأهداف لكي يكسب السباق مع نجم برشلونة.
الأخير لا شبيه له في عالم الكرة، لكن هدوء مبابي فيه شيء من ميسي، أقلّه من خلال برودة أعصابه في إنهاء الهجمات أمام المرمى، وقد ثبُت هذا الأمر ربما في المباراة الأخيرة لباريس سان جيرمان أمام برشلونة حيث دكّ شباك الفريق الكاتالوني بثلاثية رائعة.
هو بلا شك سيكون المنافس الأساسي لهالاند، أو ربما سيسعى الكل لمنافسته على الكرة الذهبية وغيرها، إذ حتى زميله البرازيلي نيمار لا يملك حالياً القيمة الفنيّة نفسها وحتى المالية، بمقدار ما يملكه هدّاف موناكو السابق، والذي سيكون محور صراعٍ كبير بين أبرز فريقٍ في العالم للحصول على توقيعه وحصد الألقاب المختلفة. هذه الألقاب التي حملها بالجملة قبل بلوغه عمره الحالي، إذ أنه في سنّ الـ21 فقط كان قد فاز بلقب الدوري الفرنسي 4 مرات، ولقب كأس فرنسا 4 مرات أيضاً، إضافةً إلى لقب كأس العالم مع منتخب بلاده. ومع حلوله في المركز الرابع على لائحة ترتيب المتنافسين على جائزة الكرة الذهبية وهو لا يزال في الـ19 من العمر، فإنه في طريقه للفوز بكل شيء في المستقبل.
فعلاً مبابي هو المستقبل بالنسبة إلى ما يُعرف بـ"النجم المطلق"، فهو تخطّى الثنائي الشهير بأرقامه إذا ما أخذنا العمر في الحسبان. ففي سن الـ21 مثلاً كان ميسي قد وقّع على 42 هدفاً ورونالدو على 27 هدفاً، بينما في السن نفسها سجّل مبابي 103 أهداف في مسيرته التي بدأها في موناكو حيث لمع سريعاً لينتقل إلى العاصمة الفرنسية.

(أ ف ب )

متـألّقون لا عالميّون
هما بلا شك على رأس الترشيحات، لكنّ هناك نجوماً صاعدين آخرين يطمحون لمزاحمتهما، ولو أن هذه المسألة تبدو صعبة في الوقت الحالي لأنهم يُعتبرون من المتألّقين لا العالميين، والأمثلة كثيرة على هذه المقولة، وتبدأ من نجم دورتموند الآخر الإنكليزي جايدون سانشو الذي وقبل وصوله إلى المباراة الـ100 في مسيرته كان قد سجّل 34 هدفاً ومرّر 43 كرة حاسمة مع فريقه. لكن فجأة تراجع مستوى لاعب مانشستر سيتي السابق، وبات يحتاج إلى نقلةٍ للظهور بمظهر عالمي كانتقاله إلى مانشستر يونايتد مثلاً.
وتخبّط المستوى أصاب شباناً آخرين، أمثال الألماني كاي هافرتز المنتقل إلى تشيلسي الإنكليزي في الصيف الماضي، والبرازيلي فينيسيوس جونيور الذي وُصف بنيمار الجديد بعد وصوله إلى ريال مدريد الإسباني، وغيرهما الكثيرين.
وتبقى مسألة أخرى قد تبعد البعض عن دائرة هالاند ومبابي وهي الإصابات التي يمكن أن تُبطئ تطوّر أي نجمٍ شاب وتضع مسيرته في خطر، أمثال نجم برشلونة الصاعد أنسو فاتي الذي تعرّض لإصابةٍ قوية جداً أبعدته ولا تزال لفترةٍ طويلة هذا الموسم، بعدما كان قد حقّق قفزة قوية جداً إلى عالم النجومية في سن الـ16 فقط.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا