يُعد ناديا ليفربول وآرسنال أحد أعرق الفرق الإنكليزية. تاريخٌ حافل بالبطولات عرفه الفريقان، غير أن ذلك تغيّر مع الوقت، حيث سقطا بفعل سوء التخطيط الإداري.قبل خمسة أعوام، كانت الكفّتان متعادلتين بين آرسنال وليفربول، حيث كان الفريقان يتنافسان على المقاعد المؤهلة إلى دوري الأبطال، مع إمكانية الفوز بإحدى الكؤوس المحلية. تغيّرت المعادلة اليوم، بعد أن تمكن «الريدز» من العودة إلى الواجهة من جديد مقابل استمرار تخبّط المدفعجية.
كانت الكفّتان متعادلتين بين آرسنال وليفربول، حيث كان الفريقان يتنافسان على المقاعد المؤهلة إلى دوري الأبطال


بعد ثلاثين عاماً من الانتظار، نجح ليفربول أخيراً من تحقيق لقب الدوري الإنكليزي الممتاز. لم تكن الطريق معبّدة لذلك، ولم يكن النجاح وليد الصدفة، بل كان نتيجة لعمل متكامل بين الجهازين الفني والإداري. اتّصفت معالم نجاح المشروع مع المدرب السابق للفريق، براندن رودجيرز، الذي تمكّن بأقل الإمكانيات المتاحة من تقديم منظومة متكاملة نافست على اللقب المحلي. تشكيلة «متواضعة» احتوت مواهب شابة، قادها كلّ من المهاجم الأورغوياني لويس سواريز، صانع الألعاب البرازيلي فيليبي كوتينيو، والإنكليزيين رحيم ستيرلينغ ودانييل ستوردج، كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقب الدوري عام 2014 لولا تعثّرات الجولات الأخيرة. بعدها، استبدلت الإدارة مدربها الأيرلندي بيورغن كلوب، الذي تروّى جيداً قبل وصوله إلى تشكيلته «المتكاملة» حالياً. كان التفاهم واضحاً بين الإدارة والمدرب الألماني، وقد ظهر ذلك إثر التدرّج في عملية بناء الفريق، من دون الضغط بالأهداف المرسومة. بفعل غيابه عن منصات التتويج فترةً طويلة، ومشاركته غير الثابتة في دوري الأبطال، كانت موازنة ليفربول محدودة وغير قادرة على تحقيق نقلة نوعية للفريق عبر استقدام لاعبين من النخبة الأولى. لذا، لجأت الإدارة إلى الحل البديل، والذي تمثّل عبر بيع مواهب الفريق الشابة بمبالغ كبيرة والاستفادة من هذه الأموال لاستقدام لاعبين يتناسبون مع فكر المدرب. آخر المواهب التي استفاد النادي من أموالها كانت فيليبي كوتينيو، الذي انتقل إلى نادي برشلونة مقابل 145 مليون يورو. بهذه الأموال، وقّع كلوب مع فان دايك وأليسون بيكير، ليخفي بذلك نقاط ضعف الفريق بعد اعتماده في وقتٍ سابق على سياسة اصطياد المواهب الشابة البعيدة عن الضوء الإعلامي، مثل روبيرتو فيرمينو، ساديو ماني ومحمد صلاح. هكذا، وبالتدرّج السليم، تحسن ليفربول شيئاً فشيئاً وأصبح منافساً رئيساً في الساحتين الأوروبية والمحلية، حتى تمكن من تحقيق دوري الأبطال في الموسم الماضي، والدوري المحلي هذا الموسم.
على الجانب الآخر، يستمر غرق فريق آرسنال أكثر مع امتداد المواسم. الفريق الذي شكّل إحدى قوام الدوري الإنكليزي، أصبح اليوم بعيداً عن المشاركة في دوري الأبطال على أقل تقدير.
عرف النادي نجاحاً ملحوظاً مع المدرب الأسبق أرسين فينغر. استوطن الفرنسي نادي آرسنال 22 عاماً، وبالرّغم من نجاحه في النّصف الأوّل من ولايته، إلّا أن الطفرة الماليّة التي شهدها الـ«بريميرليغ» أبعدته عن الألقاب في النصف الثاني من الولاية. هكذا، ارتأى القيّمون على الغانرز ضرورة التغيير للعودة إلى السكة الصحيحة، فقاموا بالتخلي عن فينغر. لم يقتصر التّغيير على الدّكّة الفنيّة وحسب، بل بدأ من رأس الهرم، مروراً بكلّ مراكز النادي وذلك لاحتواء غضب الجماهير جرّاء تراجع الأداء والنتائج. هكذا، استقال كلّ من المدير التّنفيذي للنّادي إيفان غازيديس وديك لو مدير التعاقدات عام 2017، وبدأ مشروع آرسنال الجديد، فقام النادي باستقطاب رؤول سانليهي، مدير عمليّات كرة القدم لنادي برشلونة السّابق وتعيينه مديراً تنفيذيّاً للنّادي، ثمّ استغلّت الإدارة الخلافات القائمة بين كلّ من مدير كشافي بروسيا دورتموند سفين ميسلينتات ومدرّب الفريق السّابق توماس توخيل ووقّعت معه.

يستمر غرق فريق آرسنال أكثر مع امتداد المواسم

بعد رحيل فينغر، تم تعيين أوناي إيمري لقيادة المشروع الجديد للنادي، غير أنه فشل في ترك بصمة واضحة في ظل الصفقات العشوائية، فقامت الإدارة بتعيين «ابن» النادي مايكل أرتيتا في تجربته التدريبية الأولى.
نجح أرتيتا في إعادة شيء من الفلسفة الكروية التي اشتهر بها النادي، والتي تتمثل بالكرة الهجومية القائمة على الضغط العالي، لكن ذلك لم يكن كافياً بنظر الإدارة والجمهور في ظل النتائج المتخبّطة. رغم ذلك، يبقى من الصعب تقييم جودة أرتيتا كمدرب في الوقت الحالي، نظراً إلى مجيئه في منتصف الموسم من دون دعمه بالأسماء اللازمة. يظهر جلياً افتقار الفريق إلى الكثير من العناصر في مختلف المراكز، وخاصةً على الصعيد الدفاعي. الفريق بحاجة إلى اعتماد خطة واضحة قصيرة الأمد، تبدأ بإعطاء أرتيتا الصلاحية الكاملة في الصفقات، عبر بيع اللاعبين واستثمار الأموال لجلب أسماء تتناسب مع فلسفته. يمكن الاستغناء عن لاعبين مثل مسعود أوزيل، ألكساندر لاكازيت، دايفيد لويز... واستخدام أموالهم لبناءٍ أفضل. الفريق بحاجة إلى التنسيق بين الإدارة والجهاز الفني ووضع أهداف تدريجية في السنوات المقبلة للعودة إلى الواجهة من جديد.