خطف سيلتا فيغو تعادلاً ثميناً في الدقائق الأخيرة من ضيفه برشلونة (2-2)، ضمن منافسات الجولة الـ32 من «الليغا»، ليفقد بذلك الفريق الكاتالوني نقطتين ثمينتين في سباق الصدارة المحتدم مع غريمه التقليدي ريال مدريد. بهذه النتيجة، استمرّت عقدة سيلتا بالنسبة إلى «بلوغرانا»، حيث إن برشلونة لم ينتصر عليه في «الليغا» منذ خمس سنوات عندما يزوره في ملعبه، ليزداد الضغط الإعلامي على النادي الكاتالوني.ورغم اعتباره منافساً شرساً على لقب الدوري الإسباني هذا الموسم، لم يظهر برشلونة بالصورة المناسبة، حيث سقط في سلسلةٍ من المشاكل الإدارية والفنية على حدٍّ سواء. بدأ الأمر في منتصف الموسم الحالي، وذلك بعد إقالة المدرب السابق إرنستو فالفيردي. تولّى هذا الأخير تدريب الفريق في مايو/ أيار 2017 قادماً من أتلتيك بيلباو، وقاده للتتويج بلقب الدوري الإسباني مرتين إلى جانب لقب واحد في كلّ من كأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني، لكنّه واجه انتقادات متزايدة خاصّة بعد الفشل الأوروبي إضافةً إلى مستوى الفريق الهشّ هذا الموسم، لتتمّ إقالته بعد الهزيمة أمام أتلتيكو مدريد في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني. عيّنت الإدارة بعدها المدرب كيكي سيتين لتعديل المسار، غير أن المشاكل كانت أكبر من الجهاز الفني.
ظنّ مناصرو برشلونة أن «الفوضى» ستنتهي مع رحيل فالفيردي، غير أن ذلك لم يحدث، حيث تفاقمت المشاكل بين اللاعبين والإدارة. بدأ الأمر عندما هاجم قائد الفريق ليونيل ميسي المدير الرياضي إيريك أبيدال عبر وسائل التواصل الاجتماعي. قال هذا الأخير بأن «هناك الكثير من اللاعبين في الفريق لم يتماشوا مع قرارات فالفيردي، وقد افتقدوا التفاهم مع المدرب (السابق) لبرشلونة» فردّ عليه ميسي بأن «اللاعبين يتحمّلون مسؤولية ما يحدث على أرض الملعب، ونحن أول من يدرك عندما لا نحقّق نتائج جيدة. ولكن الإدارة الرياضية يجب عليها كذلك أن تتحمّل المسؤولية أيضاً، وقبل كلّ شيء، تتحمّل القرارات التي تتخذها».
تتّجه إدارة برشلونة للتعاقد مع لاعبين جاهزين بدنياً وفنّياً وكبار بالسن لدعم ميسي


ظهرت المشاكل مرة أخرى عند أزمة كورونا، حيث شغل النادي الكاتالوني حديث الصحف مجدّداً. أرادت الإدارة تخفيض رواتب اللاعبين، غير أن نجوم الفريق عبّروا عن عدم رضاهم عن الطريقة والأسلوب، ليحلّ ميسي المشكلة بعدها بمنشورٍ مطوّل عبر انستغرام.
يعاني هذا الأخير الأمرّين منذ تسلّمه شارة القيادة. لا يبدو ميسي مرتاحاً في برشلونة، رغم كونه صاحب الكلمة العليا في الفريق. ميسي أعلى من أيّ لاعب في النادي، وكلمته أعلى من المدرب حتى، لكنه، رغم كلّ ذلك، لا يسيطر على إدارة النادي. سبق وأنّ أظهر ميسي عدم رضاه عن سياسة التعاقدات المعتمدة من الإدارة، حيث عبر صراحة عن عدم ترحيبه بالوافد الجديد أنطوان غريزمان، ورغبته بعودة نيمار. اللاعب الذي بلغ عامه الـ33 في الأسبوع الماضي، لم يعد قادراً على أن يحمل الفريق على كتفيه، وهو بحاجة إلى تدعيم المنظومة بلاعبين جاهزين.
في 2017، رحل البرازيلي نيمار دا سيلفا عن الفريق، لتبدأ الإدارة منذ ذلك الحين باتخاذ القرارات السيئة. تعاقدت في بادئ الأمر مع الفرنسي عثمان ديمبيلي مقابل 100 مليون يورو، ثم استقدمت البرازيلي فيليبي كوتينيو مقابل 160 ميلون يورو، وأخيراً أبرمت الصفقة الأكثر غرابة عندما وقّعت مع غريزمان مقابل 120 مليون يورو. صفقات ضبابية أدرجها العديد من النقاد في خانة الصفقات العشوائية التي أبرمتها الإدارة الكاتالونية لتعويض رحيل نيمار وامتصاص غضب الجماهير، وقد أثبتت الاستحقاقات سوء الأسماء المستقدمة.
مع سيتين، عرف النادي بعض اللاعبين الشباب من لاماسيا، مثل ريكي بويغ وآنسو فاتي الذي حصل على دقائق لعب أكثر، لكن المباريات أظهرت أن اللاعبين الشباب ليسوا حلاً طويل الأمد، وأن النادي بحاجة لصفقاتٍ جاهزة، تماماً كما يريد ميسي.
تكريماً لمسيرته الحافلة في برشلونة، قد تتجه الإدارة هذا الصيف لبناء فريق جاهز بهدف حصد أكبر عدد من الألقاب قبل اعتزال اللاعب الأرجنتيني. وقد تعطي صفقة بيانيتش مؤشراً كبيراً على ذلك. ازدادت التكهّنات في الأيام الماضية حول تبادل محتمل ينتقل بموجبه بيانيتش صاحب الـ30 عاماً إلى برشلونة ورحيل آرثر صاحب الـ23 عاماً لليوفي (اللاعبان أجريا فعلاً الفحوص الطبية)، وبحسب وسائل إعلام إيطالية، فإن يوفنتوس سيدفع 80 مليون يورو للحصول على خدمات اللاعب البرازيلي، بينما سيدفع الفريق الإسباني 70 مليون يورو مقابل بيانيتش. جماهير برشلونة غير راضية عن هذه الصفقة، غير أن الهدف منها، بنظر الإدارة، هو إضافة عنصر الخبرة لجلب التوازن للمنظومة.
بيانتش لوحده غير قادر على صنع الفارق، المنظومة بحاجة لتدعيمات في أكثر من مركز. ربما سيشهد الصيف المقبل ثورة في صفوف برشلونة تكريماً لقائد الفريق الذي بلغ عامه الـ33. الأسابيع المقبلة ستعطي صورة أشمل.