زادت دائرة ضحايا فيروس كورونا لتشمل أغلب بقاع الأرض. في البداية نجحت اتحادات كرة القدم في بعض البلدان بالحدّ من تداعيات الفيروس على القطاع الرياضي، فأقامت بعض المباريات خلف أبوابٍ مغلقة كما عمدت إلى تغيير بعض ملاعب المواجهات بحسب المناطق الموبوءة، كما الحال في إيطاليا. ولكن ما كان ممكناً في البداية أصبح مستحيلاً الآن، بعد تصنيف الفيروس بأنه «وباء عالمي» من قِبل منظمة الصحة العالمية. هكذا، أُجبرت الهيئات الكروية على تعليق نشاطاتها كافة، تفادياً لانتشار الفيروس الذي أدّى إلى وفاة أكثر من 5000 شخص حول العالم. قرارٌ هزّ الوسط الكروي، وعرّض العديد من الأندية ـ خاصة المتوسطة والصغيرة ـ للوقوع بمشاكل مادية كبيرة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الإفلاس.
حجم الخسائر المادية في ألمانيا لن يقلّ عن 750 مليون يورو


الاقتصاد الإسباني مهدّد
هذا وقد أشارت صحيفة ماركا الإسبانية في تقرير لها إلى أن الدوري الإسباني مقبل على خسائر مادية غير مسبوقة. وبحسب تقرير الماركا، توفر مباريات الليغا أكثر من 200 ألف وظيفة، ما يشكل قرابة 1.1 ٪ من مجمل القوى العاملة في إسبانيا، مع الإشارة إلى تركيز نشاطات 35000 شركة تقريباً على الرياضة. وأردفت الدراسة أن الخسائر لن تنحصر في القطاع الكروي، بل ستمتدّ تداعياتها على الاقتصاد الإسباني ككل، حيث تساهم الرياضة بـ1.4 ٪ من مجمل الناتج المحلي في إسبانيا. هذا وتعدّ كرة القدم أحد مصادر الدخل السياحية الرئيسية في إسبانيا، حيث سجلت الدولة نسبة وصلت إلى 4.1 ٪ من الرحلات الترفيهية إلى البلاد عام 2018، ومن المحتمل أن تخسر المطاعم والحانات قرابة 12000 يورو على كل مباراة معلّقة. ووفقاً للحسابات الأولية، من المتوقّع أن تصل خسارات القطاع الرياضي في إسبانيا إلى مليار يورو. هذه الخسارات ستشمل فرق الدوري الإسباني كافة، إذ يشير الخبير الاقتصادي في برشلونة خوسيه ماريا غاي دي ليبانا، إلى أن ميزانية برشلونة موسم 1978/1979 كانت ستة ملايين يورو، والفريق مهدّد بخسارة نفس المبلغ اليوم في حال إجراء مباراته ضد نابولي في إياب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا خلف أبوابٍ مغلقة.

أضحى يوفنتوس الإيطالي عُرضة لتكبد خسائر إجمالية بقيمة 110 ملايين يورو


إنكلترا والنقل التلفزيوني
ما يطال الأندية الإسبانية من خسائر ينسحب على الأندية الإنكليزيّة بدرجاتٍ متفاوتة، نظراً إلى عائدات النقل التلفزيوني الهائلة في البريميرليغ. الأثر الأكبر للتوقيف سيطال الدرجات الدنيا في إنكلترا. فقد أشار رئيس نادي ستوك سيتي (يلعب في الدرجة الإنكليزية الأولى) في تصريح لقناة «بي بي سي» البريطانية إلى أن «الأمر يختلف بالنسبة إلى الأندية خارج الدوري الإنكليزي الممتاز، نظراً إلى اعتمادها على إيرادات حضور المباريات والنشاطات التجارية مع حصولها على جزء بسيط من عائداتها عبر وسائل الإعلام». ثم تابع قائلاً إن «هذا التوقف قد يؤدي إلى إفلاس بعض أندية شمال إنكلترا، ويزداد الوضع سوءاً بالنسبة إلى أندية اسكتلندا حيث تغيب عقود النقل التلفزيوني بشكل شبه تام».


خسائر هائلة في ألمانيا
أما في ألمانيا، فإنّ حجم الخسائر المادية لن يقل عن 750 مليون يورو، بحسب ما ذكرته الإذاعة الألمانية (DW). ولفت المصدر إلى أن هذا المبلغ هو إجمالي خسائر الأندية من تذاكر حضور المباريات، إلى جانب الأموال المفقودة من مستحقات النقل التلفزيوني. وقد أكد التقرير أن هناك اقتراحات كثيرة يطرحها القيّمون على البوندسليغا للخروج بأقل الأضرار الممكنة، منها استكمال الدوري بدون جماهير، أو إنهاء الموسم بلا بطل، والاكتفاء ببطل فخري.
كرة القدم توفر 200 ألف وظيفة في إسبانيا ما يشكل 1.1% من القوى العاملة


يوفنتوس يعاني
وبعد إصدار رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي قراراً بتعليق مباريات الدوري الإيطالي من دون تحديد موعد لاستئناف النشاط الرياضي، باتت أندية الكالشيو معرضة لخسائر كبيرة، على رأسها المتصدّر يوفنتوس. فقد خلصت نتائج دراسة حديثة أجرتها شركة «بنكا إمي» إلى أن يوفنتوس أضحى عُرضة لتكبّد خسائر إجمالية بقيمة 110 ملايين يورو إذا ما انتهى الموسم الحالي باكراً. وسيخسر البيانكونيري 45 مليون يورو من حقوق النقل التلفزيوني، و25 مليون يورو من إيرادات الملعب إضافة إلى 40 مليون يورو من الرعاة في حال عدم قدرة الفريق على المشاركة في أي من الكالشيو أو دوري الأبطال.

فترةٌ هي الأصعب على كرة القدم منذ الحرب العالمية الثانية. عجلة الدوريات متوقفة إلى أن تتم السيطرة على الفيروس. ستظهر هذه المرحلة قوة الأندية في الإدارة ومدى تمتّعها بنموذج اقتصادي سليم، بانتظار عودة الحياة إلى عالم المستديرة.