هو الموسم الأسوأ لبيب غوارديولا في الدوري الإنكليزي الممتاز. المدرب الذي حوّل بطولة البريميرليغ إلى تحصيل حاصل بفعل أسلوبه الهجومي وبذخه في استقدام اللاعبين، يحتل هذا الموسم المركز الثاني مبتعداً عن المتصدر ليفربول بـ22 نقطة حتى الجولة 25. مشاكل فنية وإدارية عديدة عصفت بالنادي، أنهت «نظرياً» حظوظ السيتي في تحقيق اللقب بالنظر إلى أداء ليفربول الاستثنائي، فيما علّقت الآمال على كأس الاتحاد الإنكليزي ودوري الأبطال رغم صعوبة المهمة. السيتي يغرق ومعه غوارديولا.خلال الأسبوع الماضي، سقط مانشستر سيتي في معقل توتنهام هوتسبير بنتيجة (2-0). خسارةٌ ثقيلة قلّصت الهوة أكثر مع الثالث ليستر سيتي فيما ابتعد ليفربول، وحوّلت اهتمامات غوارديولا إلى باقي المسابقات. هي الخسارة السادسة لمانشستر سيتي هذا الموسم، والمفارقة أن النادي في الموسمين السابقين خسر 6 مرات (4 خسارات السنة الماضية، والسنة التي سبقتها، خسارتين). في ظل اتساع الهوة مع المتصدر ليفربول، ووقوع السيتي أمام ريال مدريد في دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا، ستشكّل بطولة كأس الاتحاد الإنكليزي منفذ غوارديولا الوحيد للخروج من موسم صفري. سبق «للسيتيزنز» أن وصل إلى نهائي البطولة بعد أن تجاوز نادي مانشستر يونايتد بصعوبة، غير أن التتويج أمام أستون فيلا (إن تحقق) قد لا يكون كافياً في نظر الإدارة، التي دفعت خلال الصيف الماضي مبلغ 135 مليون يورو لاستقدام الإسباني رودري، متوسط ميدان أتلتيكو مدريد سابقاً، بالإضافة إلى الظهير البرتغالي كانسيلو قادماً من يوفنتوس.
تراجع مانشستر سيتي كثيراً في الفترة الأخيرة. نتائج سلبية وأداءٌ متخبّط ما فتح النار على غوارديولا من قبل الصحافة الإنكليزية، رغم تأكيده في وقتٍ سابق أنه مستمر في تدريب الفريق بنسبة 100% حتى الموسم المقبل. العديد من المشاكل ساهمت في تراجع السيتي، أبرزها سوء الخط الدفاعي، إذ تلقّت شباك الفريق هذا الموسم 29 هدفاً في 25 مباراة، مقابل 23 هدفاً في الموسم السابق، و27 هدفاً في الموسم الأسبق. يعود السبب وراء ذلك إلى إصابة المدافع الفرنسي إيمريك لابورت بالدرجة الأولى وغيابه عن أغلب مباريات الموسم من دون تعويضه بالبديل المناسب في الانتقالات الشتوية. رغم امتلاك غوارديولا العديد من الخيارات في مركز الدفاع، افتقدت المنظومة خصائص لابورت الفنية في بناء الهجمة من الخلف، ما أخلّ في توازن الفريق ككل. مع ارتفاع نسق المباريات، واستمرار اعتماد غوارديولا على فيرناندينيو وجون ستونز أو أوتاميندي في الخط الخلفي، فإن إخفاقات مانشستر سيتي ستستمر.
فشل لاعبو السيتي من ترجمة 4 من آخر 6 ركلات جزاء إلى أهداف


لا تقتصر المشاكل الدفاعية على غياب لابورت، بل تمتد لتشمل الظهيرين أيضاً. على الجانب الأيسر، فشل الظهير الفرنسي بينجامين ميندي من تقديم أي إضافة تُذكر، ما جعله خارج حسابات المدرب للموسم الثاني على التوالي. هكذا، شغل زينشينكو المركز الأساسي، غير أن قلّة الخبرة لديه أثرت سلباً على المنظومة. ظهر ذلك جلياً في مباراة الفريق الأخيرة عندما طُرد إثر ارتكابه خطأ تكتيكياً كلّف الفريق النقاط الثلاث. الفشل امتد على الجانب الأيمن أيضاً، حيث فشل كانسيلو من بلوغ التشكيلة الأساسية رغم قدومه الصيف الماضي مقابل 65 مليون يورو.
هجومياً، افتقد الفريق جناحيه الألماني ساني للإصابة، والإنكليزي ستيرلينغ الذي ابتعد عن مستواه المعهود، كما ساهمت إضاعة الفريق لركلات الجزاء بإهدار العديد من النقاط، حيث فشل لاعبو السيتي من ترجمة 4 من آخر 6 ركلات جزاء إلى أهداف.
لعبت بعض التغييرات الفنية دوراً بارزاً في تراجع السيتي أيضاً، إذ يظهر جلياً اختلاف مردود السيتي بعد ذهاب المساعد الأول مايكل أرتيتا إلى أرسنال. سبق لأرتيتا أن شارك بيب غوارديولا في تدريب مانشستر سيتي طيلة 3 مواسم ونصف، شغل خلالها مركز المساعد الأول وحقّق نجاحات محلية كبيرة منها لقبان في الدوري الإنكليزي الممتاز. غيابه المفاجئ في منتصف الموسم أثّر سلباً على أجواء غرفة الملابس كما أثقل كاهل بيب غوارديولا، بعد أن كان صلة الوصل الأساسية بينه وبين اللاعبين.
رغم تأكيده البقاء في الموسم المقبل، قد يخرج بيب غوارديولا من الباب الضيق للفريق. مبالغ طائلة دفعتها الإدارة في عهد غوارديولا جعلته أحد أكثر المدربين بذخاً في تاريخ الدوري الإنكليزي، أما النجاحات، فلم ترقَ إلى مستوى التطلعات نظراً إلى انحصارها في الاستحقاقات المحلية. تتويجٌ أمام أستون فيلا في كأس الاتحاد وبلوغ مركز متقدم في دوري الأبطال قد يعطيان المدرب الإسباني فرصة أخرى، وإلا فإنّ الكلمة النهائية قد تكون الإقالة.