خلال السنوات القليلة الماضية، فرض موناكو نفسه كأحد أفضل الأندية الفرنسية على الصعيدين المحلي والأوروبي. رغم قلة التوقعات، نجح نادي الإمارة بتحقيق إنجاز عجز عنه باريس سان جيرمان نفسه في دوري الأبطال وهو الوصول إلى نصف النهائي، كما تمكن من انتزاع لقب الدوري الفرنسي من الباريسيين عام 2017. سلك موناكو بعدها منحنى مغايراً تماماً إثر تخلي الإدارة عن أبرز نجوم الفريق من دون التعويض المناسب، ليتراجع في غضون أربع سنوات إلى وسط وذيل الترتيب. لم ينحصر فشل الإدارة في سوء التعامل مع اللاعبين، بل تجلى على صعيد القيادة، بعد أن تداور على العارضة الفنية للفريق 4 مدربين خلال سنة وشهرين، آخرهم روبيرت مورينو، مدرب الفريق الحالي.انهار مشروع موناكو الذي قاده ليوناردو جارديم قبل 4 سنوات. المدرب البرتغالي الذي أشرف على أفضل موسم في التاريخ الحديث لنادي الإمارة (عام 2017)، حين فاز بلقب الدوري ووصل إلى نصف نهائي دوري الأبطال، غرق في الموسمين الماضيين بعد اتباع الإدارة سياسات تقشّفية تهدف إلى درّ العائدات لا أكثر. تراجع الفريق في الموسم الماضي، وكان قاب قوسين أو أدنى من الهبوط، فتمت إقالة ليوناردو جارديم ليخلفه الفرنسي تيري هنري. ارتأت الإدارة حينها بهنري المدرب الأمثل لانتشال الفريق من القاع، رغم تشكيل فريق الإمارة التجربة الأولى للغزال الفرنسي كمدرب، غير أن هذا الرهان فشل بعد أن غرق الفريق أكثر. أقيل هنري بعد أقل من 4 أشهر على تعيينه، حيث حقق أربعة انتصارات فقط من 20 مباراة، مقابل 11 خسارة و5 تعادلات. قررت الإدارة بعدها ضرورة استقدام شخص يعرف بيئة النادي للخروج بأقل الأضرار الممكنة، فأعادت التوقيع مع جارديم. عاد موناكو حينها إلى سكّة الانتصارات شيئاً فشيئاً، ونجح جارديم في تجنب شبح الهبوط بعد أن أنهى الموسم في المركز السابع عشر، غير أن النتائج لم تتحسن كثيراً هذا الموسم، لتتم إقالته مرة أخرى. هكذا، أقيل جارديم من تدريب موناكو مرتين في أقل من عام، ثم عينت الإدارة المدرب السابق للمنتخب الإسباني روبيرت مورينو على رأس العارضة الفنية لفريق الإمارة لتدارك الأمور قبل فوات الأوان.
تداور على العارضة الفنية لنادي موناكو 4 مدربين خلال سنة وشهرين


لم يسبق لمورينو أن درّب فريق من الصف الأول، إذ اقتصرت مسيرته التدريبية على نيله بعض مناصب المساعد في العديد من الأندية الأوروبية منها روما وبرشلونة، إضافةً إلى تدرجه في مراكز المساعد رفقة المنتخب الإسباني وصولاً إلى تدريبه المنتخب الأول العام الفائت. مباراة واحدة رفقة موناكو أبرزت لمسات المدرب الجديد، بعد أن قدم منظومة مغايرة تماماً عمّا كان عليه نادي الإمارة في الموسمين السابقين. ظهر ذلك خلال الفوز المثير على نادي ستاد ريمس في كأس فرنسا. لم تقتصر التغييرات على الضغط العالي والدفاع كمجموعة، بل شملت تغيير العديد من العناصر، حيث شارك كل من المدافع غليك، الجناحين جيلسون مارتينز وكيتا بالدي إضافةً إلى متوسط الميدان الإسباني سيسك فابريغاس. بعد الفوز أمام ريمس، صرّح فابريغاس: «الأسلوب مختلف مع مورينو، هو من مدرسة برشلونة التدريبية وأسلوبه مشابه للأسلوب الذي تعلمته تحت قيادة بيب غوارديولا وتيتو فيلانوفا عندما كنت لاعباً في النادي الكاتالوني. أفهم تماماً ما يريده مني، لكن الأمر يتطلب الكثير من الإعداد البدني، علينا أن نركض كثيراً في الملعب».
سبق لمورينو أن أثبت ثقله التدريبي بعد أن ساهم في تأهل المنتخب الإسباني إلى يورو 2020. الأمر أصعب في موناكو نظراً إلى انخفاض جودة اللاعبين مقارنةً بعناصر «لا روخا». اختبار حقيقي يعيشه المدرب الإسباني الشاب، سيرتبط نجاحه إلى حد كبير في سياسة الإدارة المتبعة، التي راهنت على مدربين شابين في أقل من عام (هنري ومورينو). الإدارة ترغب في تلميع صورتها عبر استغلال حافز مورينو لإثبات ثقله التدريبي، أما الهدف الرئيسي فيبقى تحسن الفريق، ومحاولة اللحاق بركب المتأهلين إلى دوري الأبطال نظراً إلى ابتعاد نادي الإمارة عن المركز الرابع بثلاث نقاط فقط.