عام 2016، كلّف الاتحاد الإنكليزي غاريث ساوثغيت مهمة تدريب المنتخب بشكل مؤقت، وذلك بعد استقالة المدرب السابق سام ألاردايس من منصبه عقب مباراة واحدة فقط مع الأسود الثلاثة. قاد ساوثغيت حينها المنتخب الإنكليزي في 3 مباريات ضمن تصفيات كأس العالم 2018 الذي أقيم في روسيا، حصل فيها على 7 نقاط من فوزين على مالطا (2-0) واسكتلندا (3-0) وتعادل سلبي مع سلوفينيا. على خلفية النتائج الجيدة، كافأ الاتّحاد الإنكليزي مدرّبه الشاب بتثبيته مدرّباً للمنتخب، وأكد بعد اجتماع مكتبه التنفيذي توقيع ساوثغيت عقداً لمدة 4 سنوات، يقود خلالها المنتخب في نهائيات كأس العالم 2018 وكأس أوروبا 2020.تغير المنتخب مع ساوثغيت. اعتمد المدرب الشاب نهجاً جديداً في كرة القدم الإنكليزية، فاستغنى عن «قدامى» المنتخب واستثمر مقابل ذلك في المواهب الشابة. «مراهنة» أسالت حبر الصحافة الإنكليزية حينها، غير أن النتائج الجيدة التي جاءت تباعاً عكست حسن خيار المدرب، بعد أن قدّم الإنكليز بطولة كأس عالم مميّزة في روسيا (2018)، انتهت باحتلال المنتخب للمركز الرابع بعد خسارته نصف النهائي أمام كرواتيا وصيف البطولة.
ترافقت النتائج الإيجابية للمنتخب، مع أسلوب هجومي منسجم مع متطلبات كرة القدم الحديثة. مواهب فردية استثنائية ومنظومة متكاملة كسرت الصورة النمطية السائدة عن الأسلوب الكروي للإنكليز، الذي كان يعتمد بالدرجة الأولى على الـ«الكرات الطولية والثابتة» إضافةً إلى الصلابة الدفاعية.
لعب المنتخب الإنكليزي الأسبوع الفئات مباراته الـ1000 وحقق فوزاً بسبعة أهداف نظيفة


بفعل شغله منصب المدرب الأول لمنتخب إنكلترا دون الـ21 عاماً، عرف ساوثغيت جيداً حجم المواهب المحلية الصاعدة، فاستفاد من كادر بشري شاب بإمكانيات فنية وبدنية عالية، نضج بفعل تطور الدوري المحلي ونظام أكاديميات الأندية. جاء ذلك ضمن إطار السياسات التي اعتمدها اتّحاد الكرة الإنكليزي منذ مطلع الألفية لبروز الدوري المحلي على رأس الدوريات الأوروبية، ما عاد بالمنفعة على الأطراف كافة.
تحسنت الأكاديميات مع استفادة الأندية الإنكليزية من عوائد النقل التلفزيوني، ما انعكس إيجاباً على الفئات العمرية للمنتخب بمختلف درجاتها، التي حققت نجاحات استثنائية على الصعيدين القاري والعالمي.
في الصيف الماضي، تمكن منتخبا إنكلترا للشباب تحت 20 عاماً وتحت 17 عاماً من إحراز المونديال الأول لإنكلترا على صعيد الفئات كافة منذ 1966، إضافةً إلى بطولة أوروبا (يورو) تحت 19 عاماً. وصل الإنكليز تحت 21 عاماً أيضاً إلى نصف نهائي اليورو، كما وصل منتخب تحت 17 عاماً إلى نهائي اليورو، غير أن المنتخبَين خرجا من البطولة بعد خسارتهما في ركلات الجزاء. أضاءت هذه البطولات على بعض المواهب الإنكليزيّة «المدفونة»، على غرار خريجي أكاديمية تشيلسي تامي أبراهام، مايسن ماونت وكالوم هودسون أودوي، خريج أكاديمية مانشستر سيتي فيل فودين، خريج أكاديمية إيفرتون كالفيرت لوين، وغيرها من الأسماء التي باتت اليوم تشكل قوام المنتخب الإنكليزي الأول. ظهر ذلك جلياً في مباريات المنتخب الـ1000، بعد أن برز الظهير الأيسر الشاب بين تشيلويل إثر صناعته 3 أهداف في المباراة التاريخية للمنتخب، إضافةً إلى الظهور الأول لصانع ألعاب ليستر سيتي جايمس ماديسون، وتسجيل مهاجم تشيلسي الشاب تامي أبراهام هدفه الدولي الأول.
هي المنظومة الأقوى للأسود الثلاثة منذ سنوات. استقرار فني وإداري يجعل الجماهير تتأمل بعودة المنتخب إلى منصات التتويج من جديد، فهل يحقق شباب ساوثغيت ما عجز عنه أساطير الكرة الإنكليزية في السنوات الأخيرة؟